وبالجملة : دعوى ان الواجب هو الذات المقيدة بقصد التوصل أو عنوان المقدمة مما لا يمكن المساعدة عليها ، وهي من الشيخ غريبة. هذا إذا أريد اعتبار قصد التوصل في مطلق المقدمات.
وأما إذا أريد اعتبار ذلك في خصوص المقدمة المحرمة بالذات الذي صارت مقدمة لواجب أهم ـ كما ذكر شيخنا الأستاذ ( مد ظله ) ان ببالي حكاية ذلك عن الشيخ ( قده ) وانه خص اعتبار ذلك في خصوص المقدمة المحرمة ـ فمما يمكن ان يوجه بدعوى ان وجوب المقدمة حينئذ لمكان حكم العقل حيث زاحم حرمتها واجب أهم ، والمقدار الذي يحكم به العقل هو ما إذا اتى بها بقصد التوصل إلى الواجب الأهم ، لا بقصد التنزه والتفرج والتصرف في ملك الغير عدوانا ، فان مثل ذلك يأبى العقل عن وجوبه. ولا يقاس ذلك بالمقدمة المباحة ، فان المقدمة المباحة لمكان وجوبها لمجرد توقف واجب عليها وكان ما يتوقف عليه هو الذات ، وحيث لم تكن الذات مقتضية لشيء بل كانت لا اقتضاء ، فتكون الذات واجبة من دون اعتبار قصد التوصل ، لان اللامقتضى لا يزاحم المقتضى. واما المقدمة المحرمة فوجوبها انما هو لأجل المزاحمة ، والا فالذات بنفسها مقتضية للحرمة ، والمقدار الذي نرفع اليد عما يقتضيه الذات من الحرمة هو صورة قصد التوصل بها إلى الواجب الأهم لا مط. هذا غاية ما يمكن ان يوجه به مقالة الشيخ ( قده ) على تقدير اختصاص اعتبار قصد التوصل بخصوص المقدمة المحرمة.
ولكن مع ذلك لا يتم ، لان وجوب المقدمة وان كان لأجل المزاحمة الا ان المزاحمة انما تكون بين الانقاذ الذي يتوقف على التصرف في ملك الغير وبين التصرف في ملك الغير ، ولا ربط لها بالقصد وعدم القصد.
وبعبارة أخرى : التصرف المؤدى إلى الانقاذ واقعا هو الذي يكون مزاحما لحرمة التصرف في ملك الغير ، لا التصرف الذي قصد به الانقاذ ، إذ لا يلزم التصرف الذي قصد به الانقاذ ان يترتب عليه الانقاذ ، ويرجع ح إلى تقييد حرمة التصرف بخصوص الصورة التي لا يترتب عليها الانقاذ ، وهو راجع إلى مسألة الترتب ، على ما سيأتي بيانه عن قريب انشاء الله تعالى.