الاخلال ببيانه لأنه لا يلزم منه مخالفة الواقع ، فاسدة جدا. فالانصاف انه لو كان المدرك في اعتبار القدرة في التكاليف مجرد حكم العقل بقبح تكليف العاجز وأغمضنا عن أن ذلك من مقتضيات نفس الخطاب ، لكان التمسك بالاطلاق في رفع احتمال قيدية القدرة ودخلها في الملاك في محله. فالتقرير الثالث من وجوه تقرير الاشكال ساقط.
نعم : يبقى التقرير الأول والثاني منه ، وقد عرفت ان هذين التقريرين انما يردان بناء على المختار : من أن اعتبار القدرة ليس لمجرد حكم العقل بقبح تكليف العاجز ، بل لمكان اقتضاء الخطاب ذلك.
والتحقيق في حل الاشكال بناء على المختار هو ان هذا الاقتضاء الآتي من قبل الخطاب لا يمكن ان يكون مقيدا للمتعلق وغير صالح لذلك ، وتوضيح ذلك : هو ان للاطلاق جهتين : جهة اثباته للمراد ، وجهة كشفه عن قيام الملاك بالمتعلق.
والمحرز للجهة الأولى هو مقدمات الحكمة من كون المتكلم في مقام بيان المراد وعدم ذكر القيد ، فلا بد ان يكون مراده الاطلاق. وهذه المقدمات وحدها لا تنفع في احراز الجهة الثانية ، لأنه لا يمكن اثبات كون المتكلم في مقام بيان ما قام به الملاك ومتى كان المتكلم في مقام بيان ذلك بل يحتاج في اثبات قيام الملاك بالمتعلق إلى مقدمة أخرى وهي : ما ذهب إليه العدلية من تبعية الاحكام للمصالح والمفاسد الكامنة في مسألة المتعلقات ، ولولا هذه المقدمة لم يكن لنا طريق إلى قيام الملاك بالمتعلق ، فاطلاق الامر بضميمة تلك المقدمة يكون كاشفا عن قيام الملاك بذات المتعلق والمادة ، فلا بد ان يكون ذات المتعلق مما قام به الملاك ثبوتا ، ليتطابق عالم الاثبات وعالم الثبوت ، والكاشف والمنكشف ، فالاطلاق يكشف عن قيام الملاك بما يرد عليه الهيئة ، والذي يرد عليه الهيئة هو نفس المتعلق بلا قيد وان كان بورود الهيئة يتقيد ، فالتقييد الآتي من قبل الهيئة لا ينافي اطلاق ما يرد عليه الهيئة.
والذي ينفعنا في المقام في استكشاف الملاك وعدم قيدية القدرة هو الثاني ، والمفروض ان الكلام فيما إذا كان ما يرد عليه الهيئة مط غير مقيد بالقدرة ، وان كان يتقيد بورود الهيئة. فيصح التمسك بالاطلاق في قيام الملاك بالمتعلق وعدم