فمقتضى القاعدة ترك الاشتغال بذلك الواجب ووجوب حفظ قدرته للصلاة في وقتها كما تقدم. نعم لو فرض عدم ثبوت الملاك للصلاة قبل وقتها وكان ملاكها كخطابها مشروطا بالوقت ، كان اللازم الاشتغال بذلك الواجب الذي له بدل أو المشروط بالقدرة الشرعية ، حيث لا مزاحم له فعلا ، بل في الحقيقة هذا خارج عما نحن فيه ، فتأمل. (١).
فتحصل : انه في هذه المرجحات الثلاث لا يلاحظ الأهمية ، ولا السبق واللحوق الزماني ، نعم : لو فرض تساوى المتزاحمين من هذه المرجحات ، بان كان كل من المتزاحمين مشروطا بالقدرة الشرعية ، أو كان كل منهما مشروطا بالقدرة العقلية ، فتصل النوبة ح إلى الترجيح بالأهمية والمهمية ، والسبق واللحوق.
وتفصيل ذلك : هو ان لو تزاحم الواجبان المتساويان من جهة المرجحات الثلاثة المتقدمة ، فاما ان يكون الواجبان كل منهما مشروطا بالقدرة الشرعية ، واما ان يكون كل منهما مشروطا بالقدرة العقلية. فان كان الأول ، فلا يخلو اما ان يتقدم زمان امتثال أحدهما أو لا يتقدم ، فان تقدم زمان امتثال أحدهما فهو المتقدم ، وفي مثل هذا لا يلاحظ أهمية المتأخر وعدم أهميته ، لأن المفروض انه ليس هناك الا ملاك واحد ، حيث إنه لا يمكنه الجمع بينهما ، وكانت القدرة في كل منها معتبرة في الملاك ، ومع عدم القدرة على كل منهما لا يتحقق الملاك في كل منهما ، بل ليس هناك الا ملاك واحد ، فلا موقع لملاحظة الأهمية والمهمية ، فان لحاظ ذلك يستدعى ثبوت ملاكين ، فلا محيص من ترجيح المتقدم زمان امتثاله ، لقدرته عليه فعلا وعدم ما يوجب سلب قدرته عنه شرعا. فلو فرض انه نذر صوم يوم الخميس ، وصوم يوم الجمعة ، وبعد ذلك عرض له ما يمنعه من الجمع بين صوم اليومين ، ودار امره بين صوم أحدهما وترك الآخر ، كان مقتضى القاعدة تقديم صوم يوم الخميس وترك صوم يوم الجمعة ، لتقدم زمان امتثال الأول وعدم مانع شرعي عنه ، لاعتبار القدرة
__________________
١ ـ وجهه : هو انه يمكن ان يقال بلزوم حفظ القدرة في هذا الفرض أيضا ، للعلم بتحقق الملاك التام بعد ذلك ، فيكون اشتغاله بذلك الواجب موجبا لتفويت الملاك في موطنه ، فتأمل ـ منه.