النذر كان واجبا لحصول ما هو شرط وجوبه وهو الاستطاعة ، فلا مانع من وجوبه سوى النذر ، والنذر لا يصلح ان يكون مانعا ، لأنه قد اعتبر في انعقاد النذر ان لايكون موجبا لتحليل الحرام ولو بالاستلزام ، فالنذر والحج وان اشتركا في اخذ القدرة الشرعية في متعلقهما ، الا ان النذر قد اشتمل على خصوصية أوجبت عدم مزاحمته للحج وتقدم الحج عليه ، وتلك الخصوصية هي عدم كونه موجبا لتحليل ما هو حرام أو واجب لولا النذر ، والحج واجب لولا النذر فلا بد من انحلاله.
فانحلال النذر في مثل هذا ليس لمكان اعتبار الرجحان في متعلقه حال الفعل حتى يستشكل بأنه يكفي الرجحان حال النذر ، وزيارة الحسين عليهالسلام يوم عرفة في حال النذر كانت راجحة لعدم تحقق الاستطاعة بعد ، فلا موجب لانحلاله. أو يفرض الكلام في العهد واليمين الذين لا يعتبر الرجحان في متعلقهما ـ ولعله لذلك حكى انه كان عمل صاحب الجواهر ( قده ) على ذلك ، حيث كان ينذر قبل أشهر الحج زيارة الحسين عليهالسلام يوم عرفة لئلا يتوجه عليه خطاب الحج في اشهره ـ بل إن انحلال النذر انما هو لمكان استلزامه تفويت واجب لولا النذر.
فان قلت :
ان هذه الخصوصية لا تختص بالنذر ، بل ورد في باب الشروط والصلح وغير ذلك أن لايكون موجبا لتحليل الحرام أو تحريم الحلال. وح يلزم وجوب الحج عليه إذا آجر نفسه قبل أشهر الحج لعمل كذائي في يوم عرفة ، ثم حصلت الاستطاعة له ، فان مقتضى ما تقدم هو بطلان الإجارة ووجوب الحج عليه ، مع أن الظاهر أنه لا يمكن الالتزام به ، وان سبق الإجارة يوجب عدم تحقق الاستطاعة ، فلا يتحقق موضوع وجوب الحج.
قلت :
فرق بين التكليف والوضع ، وكلامنا في المقام من الحيثية الأولى ، وان التكليف بالوفاء بالنذر لا يزاحم تكليف الحج ، فلو فرض ان هناك جهة أخرى من وضع وملكية بحيث كان عمله مملوكا للغير فذلك امر آخر لا ربط له بالجهة التي نحن فيها ، فتأمل.