للعلم والإرادة في ذلك. واما في المقام فيتوسط بين الامتثال والتكليف علم الفاعل بالتكليف وارادته الامتثال ، إذ مع عدم العلم بالتكليف ، أو عدم إرادة الامتثال ، يستحيل تحقق الامتثال. الا انه على كل تقدير لا يخرج التكليف عن كونه واقعا في سلسلة العلل ، غايته ان العلم والإرادة أيضا واقعة في سلسلتها ، ولا يتفاوت في استحالة تخلف المعلول عن علته زمانا بين قلة ما يقع في سلسلة العلة وكثرته. فالامتثال المعلول للتكليف والعلم والإرادة يستحيل ان يتخلف عن ذلك زمانا ، وانما التخلف في الرتبة فقط. فلا يعقل سبق زمان التكليف على زمان الامتثال. وقد تقدم منا في الواجب المعلق امتناع فعلية التكليف قبل زمان امتثاله ، لان الزمان المتخلل ، اما ان يكون لانقضائه دخل في فعلية التكليف فيستحيل فعلية التكليف قبل انقضائه ، واما ان لايكون له دخل فيستحيل تأخر الامتثال عنه أي اقتضائه للامتثال.
وبالجملة : مقتضى البرهان ، هو ان لا يتخلف التكليف عن الشرط ، ولا الامتثال عن التكليف زمانا ، بل يتقارنان في الزمان ، وان كان بينهما تقدم وتأخر رتبي ، هذا.
ولكن حكى عن بعض الاعلام : انه لا بد في هذا القسم من المضيق ( وهو ما إذا اتحد زمان وجود الشرط والتكليف والامتثال ، كالصوم وكصلاة الآيات ) من تقدير سبق التكليف آنا ما قبل زمان الامتثال ، ليتمكن المكلف من الامتثال ، ولا يمكن ان يقارن التكليف لزمان الامتثال.
بل يظهر (١) من المحقق الخراساني في الواجب المعلق : انه يعتبر سبق زمان التكليف على زمان الامتثال في جميع الواجبات فراجع.
__________________
١ ـ الكفاية المجلد الأول ص ١٦٣ ، قوله : « مع أنه لا يكاد يتعلق البعث الا بأمر متأخر عن زمان البعث ، ضرورة ان البعث انما يكون لاحداث الداعي للمكلف إلى المكلف به بان يتصوره بما يترتب عليه من المثوبة وعلى تركه من العقوبة ، ولا يكاد يكون هذا الا بعد البعث بزمان ، فلا محاله يكون البعث نحو امر متأخر عنه بالزمان ، ولا يتفاوت طوله وقصره فيما هو ملاك الاستحالة والامكان في نظر العقل الحاكم في هذا الباب ».