الترتبي ، فإنه يكون واجدا للماء بعد ما كان يعصى في الغرفة الثانية والثالثة التي تتم بها الغسلات الثلث للوضوء ، فيكون امره بالوضوء نظير امره بالصلاة إذا كان مما يستمر عصيانه لإزالة إلى آخر الصلاة ، فان المصحح للامر بالصلاة ، انما كان من جهة حصول القدرة على كل جزء منها حال وجوده ، لمكان عصيان الامر بالإزالة في ذلك الحال وتعقبه بالعصيان بالنسبة إلى الاجزاء اللاحقة ، على ما تقدم بيانه. وفي الوضوء يأتي هذا البيان أيضا ، فان القدرة على كل غسلة من غسلات الوضوء تكون حاصلة عند حصول الغسلة ، لمكان العصيان بالتصرف في الآنية المغصوبة ، والعصيان في الغرفة الأولى لغسل الوجه يتعقبه العصيان في الغرفة الثانية والثالثة لغسل اليدين ، فيجرى في الوضوء الامر الترتبي كجريانه في الصلاة ، هذا.
ولكن لا يخفى عليك : الفرق بين باب الوضوء ، وباب الصلاة ، فان الصلاة لا يعتبر فيها أزيد من القدرة العقلية على اجزائها ، المفروض حصولها باستمرار عصيان الإزالة ، فلا مانع من الامر الترتبي فيها. واما في الوضوء ، فالقدرة المعتبرة فيه انما تكون شرعية ومما لها دخل في الملاك ، ولا قدرة شرعية على الوضوء بعد ما كان موقوفا على التصرف في الآنية المغصوبة ، ولا ملاك له حينئذ ، فيكون غسل الوجه بالغرفة الأولى لغوا لا اثر له ، بعد ما لم يكن في ذلك الحال واجدا لماء مباح شرعا يكفي للوضوء ، فلا يجرى في الوضوء الامر الترتبي. هذا إذا لم يكن الاغتراف للتخليص. وأما إذا كان للتخليص ، فلا اشكال في جواز الاغتراف دفعة واحدة ، بل بدفعات ـ على اشكال في الأخير ـ فيكون مكلفا بالوضوء ولا ينتقل تكليفه إلى التيمم.
ثم انه ليس المراد من التخليص مجرد القصد والنية ، بل ضابطه ان يكون الماء الموجود في الآنية المغصوبة ملكا له لا مباحا ، وكان وقوعه في الآنية لا باختياره ، فإنه ح له تخليص مائه عن الآنية وان استلزم التصرف فيها.
وأما إذا كان مباحا ، أو كان وقوعه في الآنية بسوء اختياره ، ففي مثل هذا لا يجوز له التصرف في الآنية. اما فيما إذا كان الماء مباحا فواضح ، حيث إنه لا ربط له به حتى يجوز له التصرف في الآنية. واما فيما إذا كان ملكا له فلان الماء وان لم يخرج عن ملكه ، الا انه هو بسوء اختياره سلب سلطنته عن ملكه ، فليس له