المتضادين في الزمان مع اختلافهما بالرتبة ، إذ ليس عدم جواز اجتماع الحكمين المتضادين مما قام عليه دليل لفظي ، حتى نتمسك باطلاقه ونقول : لا يكفي اختلاف الرتبة بل الحكم في المقام عقلي والعقل لا يمنع عن الاجتماع مع الاختلاف بالرتبة. إذ امتناع اجتماع الضدين انما هو لمكان انه يرجع إلى اجتماع النقيضين ، ويعتبر في النقيضين الممتنعي الجمع وحدة الرتبة.
فتحصل : انه لا مانع من كون المقدمة محكوما بحكمين متضادين ، مع كونهما مختلفي الرتبة.
نعم : يبقى اشكال استلزام الامر الترتبي في المقام للشرط المتأخر الذي لم يقم عليه دليل بالخصوص. ولكن هذا الاشكال أيضا مندفع بان الشرط المتأخر في المقام مما يحكم به العقل ويستقل به ، بعد ما بينا سابقا : من اباء الذوق والاعتبار عن اتصاف المقدمة بالمطلوبية مط على أي وجه اتفقت ولو كان التصرف في ارض الغير مثلا لأجل التنزه والتفرج ، وبعد ما بيناه من أن الامر بالمقدمة واقع في رتبة الوصول إلى ذيها ، لا في رتبة اليأس عنه ، وبعد ما كان كل مقدمة منقسمة في حد ذاتها إلى ما يتعقبها وجود ذي المقدمة وما لا يتعقبها ، فان هذه الأمور توجب استقلال العقل باعتبار الشرط المتأخر ، فهو مما قام عليه دليل بالخصوص ، غايته انه ليس شرعيا بل عقليا.
والحاصل : انه لا يختص اعتبار الشرط المتأخر بمعنى التعقب بباب القدرة ، بل يجرى في المقام أيضا ، لان صريح العقل والوجدان حاكم باعتبار الشرط المتأخر ( بمعنى التعقب ) بعد ما كان الوجدان شاهدا على عدم وقوع المقدمة على صفة المطلوبية كيف ما اتفقت. وهذا الوجدان هو الذي أوجب الشرط المتأخر ، وأوجب الامر الترتبي. فليس اعتبار الشرط المتأخر في المقام من جهة اقتضاء الامر الترتبي ذلك ، حتى يقال : انه لم يقم دليل بالخصوص في المقام على الامر الترتبي ليقتضي بدلالة الاقتضاء اعتبار الشرط المتأخر ، بل الموجب للذهاب إلى الامر الترتبي في المقام هو الموجب لاعتبار الشرط المتأخر فيه ، وهو تلك المقدمات العقلية فلا تغفل.