المكان ، وأين هذا من قيام الغصب بالحركة واتحاده معها؟ فليست الحركة معنونة بعنوان الغصب وموجهة به ، وليس اجتماع الصلاة والغصب من قبيل اجتماع العناوين في المعنونات والجهات في الموجهات ، بل ليس هناك الا نفس العنوانين والجهتين ، من دون ان يكون هناك معنون وموجه يكون الغصب والصلاة قائمين به ، والغصب والصلاة انما يكونان قائمين بالشخص ، ويكون هو الموضوع ، نظير قيام العلم والفسق بزيد ، وان كان بينهما فرق من حيث عدم التركيب في مثل العلم والفسق ، بخلاف الصلاة والغصب ، على ما تقدم تفصيله.
فان قلت :
ان التركيب بين الصلاة والغصب على أي وجه يكون ، بعد ما لم يكن هناك جامع بينهما وكانا متباينين بالهوية والحقيقة وليسا من مقولة واحدة ، فمن أين جاء التركيب بينهما؟ وليس تركيبهما نحو تركيب المادة والصورة ، فان التركيب هناك لمكان ان المادة صرف القوة وفعليتها تكون بالصورة ، وفي المقام كل من الصلاة والغصب يكون فعليا.
قلت :
التركيب في المقام انما يكون لأجل تشخص كل من الصلاة والغصب بالآخر ويجرى كل منهما بالنسبة إلى الآخر مجرى المشخص ، فتكون الصلاة متشخصة بالغصب ، ويكون الغصب متشخصا بالصلاة. ومن المعلوم : ان كل طبيعي يوجد في الخارج لابد ان يكون محفوفا بمشخصات عديدة من مقولات متعددة ، وكل واحد من تلك المشخصات لابد ان يكون مندرجا تحت عنوان كلي ، ويكون من أحد مصاديقه. مثلا المشخص المكاني مندرج تحت مقولة الأين ، والمشخص الزماني مندرج تحت مقولة متى ، وغير ذلك من المشخصات. والمشخصات ، تارة : تكون ملتفتا إليها ، وأخرى : تكون مغفولا عنها ، ولكن مع ذلك لا محيص من وقوع الطبيعي محفوفا بمشخص. ففي المقام تكون كل من طبيعة الصلاة والغصب ، متشخصة بالأخرى ، أي يكون وجود كل من الصلاة والغصب مشخصا للآخر ، والتشخص بذلك يكون في رتبة وجودهما ، ويكون من المشخص للصلاة هو الفرد