عن العبادة موجب لثبوت الامر بالعبادة ، مع أن هذا عين القول بالمقدمية ، فتأمل جيدا.
وثانيا : انه هب ان الحرمة في طول الامر وبينهما ترتب ، الا ان المانعية ليست معلولة للحرمة ومسببة عنها ، حتى يكون ارتفاعها موجبا لارتفاع المانعية ، بل المانعية والحرمة معا معلولان لعلة ثالثة ، وهي الملاك والمفسدة التي أوجبت الحرمة وأوجبت المعانعية ، ومن المعلوم : ان ارتفاع أحد معلولي علة ثالثة لا يوجب ارتفاع المعلول الآخر الا إذا ارتفعت نفس العلة. والاضطرار والنسيان لا يوجبان الا رفع الحرمة ، واما الملاك والمفسدة فهو بعد على حاله.
الا ان يقال : ان الاضطرار والنسيان حيث وردا في حديث الرفع كان رفعهما في الدليل كاشفا عن عدم لملاك. ولكن هذا لا يستقيم ، لورود حديث الرفع مورد الامتنان فهو لا ينافي بقاء الملاك والمفسدة ، ويكون المرفوع هو الحرمة فقط.
واما في الثاني : فلما فيه أولا : ما عرفت من أن المانعية ليست مسببة عن الحرمة ، حتى يكون جريان أصالة الحل عند الشك في الحرمة موجبا لرفع الشك في المانعية ، بل الشك في المانعية بعد على حاله ، ولا بد ان يجرى الأصل في نفس المانعية ، ولا يكفي جريان الأصل في الحرمة.
وثانيا : هب ، ان المعانعية مسببة عن الحرمة ، الا انه ليس كل أصل جار في السبب يكون رافعا للشك المسببي ، بل لا بد ان يكون المسبب من الآثار الشرعية المترتبة على السبب ، بحيث يكون التعبد بالسبب تعبدا بالمسبب ، كما في طهارة الثوب المغسول بالماء المشكوك الكرية. وهذا المعنى غير متحقق فيما نحن فيه ، لان الحلية المجعولة بأصالة الحل تكون من سنخ الحلية المجعولة في حال الاضطرار إلى اكل ما هو محرم الاكل ، كالأرنب ، غايته ان الحلية المجعولة في حال الاضطرار تكون واقعية ، والمجعولة بأصالة الحل تكون ظاهرية. ومن المعلوم : ان حلية اكل لحم الأرنب عند الاضطرار لا توجب عدم مانعية المتخذ منه من اللباس للصلاة ، لان الأرنب بعد محرم الاكل ، أي خلقه الله تعالى محرم الاكل ، كما خلق الغنم محلل الاكل ، وهذه الحرمة الاقتضائية المجعولة لذات الأرنب لا ترتفع بالحلية المجعولة في حال الاضطرار ، كما أن