المقصد الخامس : في المطلق والمقيد
وقبل الخوض في المقصود ينبغي تقديم أمور :
الامر الأول :
الاطلاق هو الارسال ، يقال : أطلق الدابة ـ أي أرسلها وأرخى عنانها ـ في مقابل تقييدها. والظ ان لايكون للأصوليين اصطلاح خاص في الاطلاق والتقييد غير ما لهما من المعنى اللغوي والعرفي. كما أن اختلاف المط من حيث كونه : شموليا تارة ، وبدليا أخرى ، انما هو من ناحية الحكم. وليس الاطلاق الشمولي مغايرا للاطلاق البدلي ، بل الاطلاق في الجميع بمعنى واحد وهو الارسال ، غايته ان الحكم الوارد على النكرة أو الطبيعة تارة : يقتضى البدلية كالنكرة الواقعة في سياق الاثبات والحكم الوارد على الطبيعة بلحاظ صرف الوجود ، حيث إن نتيجة البدلية في المقام الامتثال والاكتفاء بفرد واحد. وأخرى : يقتضى الشمول كالنكرة أو الطبيعة الواقعة في حيز النفي ، أو الطبيعة الواقعة في حيز الاثبات بلحاظ مط الوجود ، فالبدلية والشمولية انما يستفادان من كيفية تعلق الحكم بالنكرة والطبيعة مع كون الاطلاق في الجميع بمعنى واحد.
وبذلك يظهر النظر في تعريف المط : بأنه ما دل على شايع في جنسه ، فان التعريف بذلك ينطبق على الاطلاق المستفاد من النكرة ، ولا ينطبق على الاطلاق الشمولي ، وان أمكن توجيه التعريف على وجه ينطبق على كل من قسمي الاطلاق ، الا انه يرد على التعريف على كل حال ان الظاهر منه كون الاطلاق والتقييد من صفات اللفظ ، حيث إن المراد من الموصول هو اللفظ مع أن الظاهر هو كون الاطلاق والتقييد من صفات المعنى ، كالكلية والجزئية ، واتصاف اللفظ بهما