فقد يكون المتجه العمل بالأصلين كما في التطهير بمثل ذلك من الخبث على نحو التطهير بمعلوم الكرية فإن الظاهر حينئذ عدم نجاسة الماء وعدم طهارة الثوب فتأمل. وإن كان المراد منها الحكم بالكرية ففيه أنه لا يثبت بمثلها ، لأنه إن كان له وضع شرعي ، فيرجع حينئذ إلى معنى اللفظ وهو لا يثبت بنحو ذلك ، وان كان المراد به ذلك المكيال المعروف وأن ما يسعه من الماء تجري عليه الأحكام كما يظهر من قولهم عليهمالسلام في الروايات ( قدر ) فكذلك لا يمكن إثبات مقدار ما يسعه بمثل هذه الأشياء ، إذ لا معنى للقول بأن الأصل البراءة أو كل ماء طاهر أو كان طاهرا ، فيكون الكر انما يسع هذا المقدار. واحتمال القول بأن الأصل عدم سعة الأزيد معارض بأصالة عدم امتلائه بذلك ، ومن هنا يظهر أنه لا معنى للقول بأنه موضوع يكتفى في إثباته بالظن. واحتمال القول بان المراد بالكر هو ما لا يقبل النجاسة ونحوها من الأحكام ، ومثل هذه يثبت بمثل هذه الأصول وليس هو من الموضوع بل هي أحكام صرفة ، في غاية الضعف لمنافاته لظاهر الأخبار كقوله عليهالسلام : « قدر كر والكر ألف ومائتا رطل » ونحو ذلك. نعم قد يقتضي الاستصحاب ونحوه بعد معرفة مقدار الكر منه في نفسه في الماء الذي لا يعرف أنه كر أو لا وقد وقعت فيه نجاسة لتحقق مقدار الكرية فيه ، مع أن الذي يظهر من بعضهم عدمه أيضا ، وكأنه لأن الظاهر من الأدلة أخذ الكرية شرطا في عدم التنجيس وهو لا يثبت باستصحاب الطهارة ونحوها. لكن قد عرفت سابقا أن احتمال الكرية كاف في بقاء استصحاب طهارته فلا حاجة للحكم بها ، ولعله المراد من قولهم ان الاستصحاب لا يثبت الموضوع ، وإلا فلا ريب في إثبات استصحاب الموضوع.
وفي الرابع ان الاحتياط معارض بمثله حيث يكون موجودا غيره.
وفي الخامس ان المدني أقرب لرواية أبي بصير (١) الذي عمل بها المشهور وهو الثلاثة ونصف.
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٠ ـ من أبواب الماء المطلق ـ حديث ٦.