نجس ، قلت : هو مع كونه منافيا للاستصحاب مستلزم لتخلف المعلوم عن العلة ، ووجوده بدونها ، وذلك لأنه عند حصول سبب النجاسة وهي الملاقاة للمتنجس لا ينجس ، وعند عدمها ينجس ، ودعوى أن الملاقاة الأولى تؤثر تنجيسا في الحال والاستمرار ارتفع الأثر في الحال لمانع ، فيبقى الباقي لا يخفى ما فيها من السخافة ، كاحتمال أن ماء الغسالة لا يظهر أثر نجاسته إلا إذا انفصل ، فما دام غير منفصل ليس بنجس ، فيكون حاله كحال ما في البواطن أما أولا فلأن الشيء تلاحظ طهارته ونجاسته بالنسبة إلى نفسه ، وإلا لجرى ما قال في المباشر للثوب النجس من الماء المضاف ونحوه ، وأما ثانيا فلأن من جملة آثار نجاسته عدم حصول التطهير به للمغسول ، وحصوله على تقدير الطهارة عند من ذهب الى ذلك ، بل مما يمكن أن يلزم به القائلون بالنجاسة أن الأخبار قد دلت على حصول الطهارة بمجرد حصول الغسل المتحقق قبل حصول الانقطاع ، فان كان هذه الأوامر أفادت طهارة المتخلف فلتفد الطهارة قبل تحقق الانقطاع ، لتحقق مسمى الغسل القاضي بطهارة المغسول الذي يلزمه عندهم طهارة ما معه ، فتأمل. وأظنك تكتف بما ذكرنا بالنسبة الى هذه المسألة ، والله أعلم بحقيقة الحال ، وانظر الى ما قيل ولا تنظر الى من قال ، وطريق الاحتياط غير خفي.
ثم ان هناك نزاعين آخرين أحدهما بين القائلين بالطهارة ، والآخر بين القائلين بالنجاسة ، ( أما الأول ) فقال في المدارك : « اختلف القائلون بعدم نجاسة الغسالة في أن ذلك هل هو على سبيل العفو بمعنى الطهارة دون الطهورية ، أو تكون باقية على ما كانت عليه من الطهورية ، أو يكون حكمها حكم رافع الحدث الأكبر؟ فقال بكل قائل ، والمراد بالآخر أنه رافع للخبث دون الحدث » انتهى. وكيف كان فالأقوى في النظر عدم جواز رفع الحدث به ، لما رواه عبد الله بن سنان ، وللإجماع في المعتبر والمنتهى ، ويلحق به المبيح وإن لم يرفع حدثا ، وأما رفع الخبث فقد اعترف به بعض القائلين بالطهارة ، لعدم ما يدل على خلافه ، إذ ما عرفت من الإجماع انما هو على رفع الحدث