ولكن ما هو السبب للضمان؟ انه السيرة العقلائية الممضاة بعدم الردع.
وهذا السبب للضمان لانجد اشارة اليه فى كلمات المتقدّمين ، ولعل اول من لمّح اليه المحقق الأردبيلي ، (١) ثم تلاه بعض الأعلام من المتأخرين. (٢)
ان قلت : لماذا لايكون الضمان فى موارد الأمر بالعمل من باب الاجارة؟
قلت : انه فى الاجارة يمتلك كل واحد من الطرفين العوض الآخر بمجرد العقد ، كما لاحق لهما فى التراجع والفسخ ، وهذا بخلافه فى مورد الأمر بالعمل ، فانه بمجرد الأمر لايمتلك الآمرُ العملَ فى ذمة المأمور ، كما ان من حق كل واحد منهما التراجع ما دام لم يحصل التصدى للعمل.
ان قلت : لماذا لايكون الضمان من باب الجعالة؟
قلت : ان الجعالة فى روحها هى من مصاديق الأمر بالعمل وليست شيئاً في مقابله ، واذا كان هناك فرق ، فهو باعتبار تعيّن مقدار الجعل فى باب الجعالة عادة بخلافه فى باب الأمر بالعمل ، فانه حيث لم يعيّن مقدار الأجرة فيثبت ضمان أجرة المثل.
٦ ـ وأمّا قاعدة احترام عمل المسلم ، فقد أشار اليها بعض الأعلام فى مسألة الأمر بالعمل ، فانه بعد ان اُتفق على الضمان فيها ، وقع الكلام فى وجه الضمان ، وقد ذكرنا سابقاً ان ذلك للسيرة العقلائية ، غير ان صاحب الجواهر والسيد اليزدى تمسّكا بقاعدة احترام عمل المسلم. (٣)
__________________
١ ـ فقد ذكر فى مجمع الفائدة : ١٠ / ٨٣ ، فى مقام التعليق على كلام العلامة : « ولو أمره بعمل له اجرة بالعادة فعليه الاجرة » ما نصه : « هذا الحكم مشهور ، ويحتمل ان يكون مجمعاً عليه ، ولعل سنده اقتضاء العرف ، فانه يقتضى ان يكون مثل هذا العمل بالاجرة ، فالعرف مع الأمر بمنزلة قوله : اعمل هذا ولك عليَّ الإجرة ».
٢ ـ مستمسك العروة الوثقي : ١٢ / ١٤٢؛ مستند العروة الوثقى ، كتاب الاجارة ، ٣٩١.
٣ ـ جواهر الكلام : ٢٧ / ٣٣٥ ؛ العروة الوثقي ، كتاب الاجارة ، الفصل السادس ، مسألة ١٩.