ظهور الأدلة في وجوب أعيانها ، كما لا يجب على الجاني ذلك لو اقترحها الولي نعم ربما احتمل وجوب القبول مع فقد القاتل لها لما عرفت مع أصالة البراءة ، وهو أيضا ضعيف ، ضرورة الانتقال حينئذ إلى غيرها من أفراد الميسورة له.
فما عن المبسوط ـ من أن « الذي يقتضيه مذهبنا أنه إذا كان من أهل الإبل وبذل القيمة قيمة مثله كان له ذلك ، وإن قلنا ليس له ذلك كان أحوط. فأما إن كان من أهلها فطلب الولي القيمة لم يكن له ذلك » ـ واضح الضعف بعد ما عرفت من أن مقتضي المذهب وجوبها أجمع على التخيير ، من غير فرق بين أهل الإبل وغيرهم ، وعلى تقديره فلا دليل على إجزاء القيمة حتى مع التعذر ، والله العالم.
( و ) كيف كان فقد ظهر لك مما ذكرنا من النصوص والفتاوى ومعاقد الإجماعات الصريحة والظاهرة على التخيير المزبور أن ( هذه الستة ) مقادير ( أصول في نفسها وليس ) بعضها بدلا عن آخر فلا يعتبر التساوي في القيمة ولا التراضي ولا ( بعضها مشروطا بعدم بعض و ) حينئذ فـ ( ـالجاني مخير في بذل أيها شاء ) كما صرح بذلك كله غير واحد ، بل في ظاهر كشف اللثام ومحكي المبسوط الإجماع عليه.
نعم قد سمعت ما في خبري معاوية بن وهب (١) ، والشحام (٢) وغيرهما من أنه « إن لم يكن إبل فمكان كل جمل عشرون من فحولة الغنم » بل في خبر أبي بصير (٣) « دية الرجل مائة من الإبل ، فإن لم يكن فمن البقر بقيمة ذلك وإن لم يكن فألف كبش » إلا أن ذلك مع احتماله التقية ورجحان غيره عليه من وجوه ، ليس نصا في البدلية ، لاحتمال أن يراد فإن لم تؤد الإبل فكذا ، كما أنك سمعت الكلام فيها في النصوص الأخر (٤) من أن « الإبل على أهلها
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب ديات النفس الحديث ٢.
(٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب ديات النفس الحديث ٥.
(٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب ديات النفس الحديث ١٢.
(٤) راجع الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب ديات النفس.