ذلك أن العائدة هبة من الله جديدة ( وكذا لو اتفق أنه قطع لسانه فأنبته الله تعالى لأن العادة لم تقض بعوده فيكون هبة ) من الله تعالى شأنه لكن قد عرفت في كتاب القصاص منافاة ذلك لما ذكروه في سن المثغر إذا عادت كما كانت من عدم القصاص والدية ، وقد قدمنا هناك تحقيق الحال فلاحظ وتأمل.
( ولو كان للسان طرفان فأذهب ) الجاني ( أحدهما اعتبر بالحروف فإن نطق بالجميع فلا دية وفيه الأرش لأنه ) حينئذ ( زيادة ) أو كالزيادة باعتبار ما سمعته سابقا من كون المدار على الحروف كما صرح بذلك الفاضل وغيره هنا لكن في المبسوط « إذا خلق للسان طرفان فإن قطع أحدهما فإن ذهب كل الكلام ففيه كمال الدية وإن ذهب نصف الكلام ففيه نصف الدية لأن الظاهر أن هذا هو اللسان فإن قطع أحدهما فلم يذهب من الكلام شيء نظرت فإن كان مخرج الطرفين لا يرجح أحدهما على الآخر أوجبنا فيه ما يخصه من الدية من كل اللسان لأن الكل لسان واحد ، غير أنه مشقوق وإن كان مخرجهما مختلفا كأن أحد الطرفين كان في جانب ، ففيه حكومة كالإصبع الواحدة إلا أنه لا يبلغ بهذه الحكومة بقدر قياس اللسان لأنها زيادة فلا يوجب فيها ما يوجب في الأصل فإن كان قطع الطرفين معا فذهب الكلام فإن كان الطرفان سواء فلا كلام وإن كان أحدهما في حكم الزائد وجبت الحكومة والدية معا كما لو قطع إصبعا عليها إصبع زائدة » (١).
ولا عليك ما فيه بعد أن عرفت سابقا أن المدار في جناية اللسان على الحروف فمع فرض عدم ذهاب شيء منها فليس إلا الحكومة وإن تساوى مخرج الطرفين ، والله العالم.
ولو تعذر بعض الحروف بقطع بعض اللسان أو جناية غير القطع ولم يتعذر الباقي لكن لم يبق له كلام مفهوم لبقاء حرف أو حرفين خاصة مثلا لم يلزم الجاني إلا قدر ما يخص الحروف الفائتة لا تمام الدية كما صرح به الفاضل وغيره
__________________
(١) المبسوط ج ٧ ص ١٣٦.