فالمتجه الحكومة فيما لا يندرج في الإطلاق المزبور ، ولكن مع ذلك لا ينبغي ترك الاحتياط بالصلح ونحوه ، والله العالم.
ثم من المعلوم إن المراد بالدوام إلى الليل أو الظهر أو الضحوة في كل يوم لا في يوم أو أيام ، لأن المعهود أن ثبوت الدية وبعضها المقدر إنما هو في ذهاب العضو أو المنفعة رأسا ، وإلا فالحكومة ، لأصالة البراءة من التقدير.
ولو دام إلى الليل فزائدا أو إلى الظهر فزائدا بحيث لا يدوم إلى الظهر ففي التنقيح « احتمل الحكومة ، والأولى نسبة ذلك الزائد إلى ما تقدم عليه ووجوب نسبته من دية ذلك » (١) قلت قد عرفت أن المختار دوران الحكم على صدق السلس عندنا إلا ما كان من الأفراد النادرة ، وأما على القول الآخر فيأتي ما ذكره من احتمال عدم اعتبار الزيادة ، والله العالم.
وكيف كان فبما ذكرنا ظهر لك الحال في حكم المنافع التي لم يذكروا حكمها كالنوم واللمس والجوع والعطش وغيرها وإن كان المتجه بناء على القاعدة المزبورة ثبوت الدية لو ذهب بالجناية ، إلا أنك قد عرفت النظر فيها أو منعها ، فتجب الحكومة التي قد عرفت ثبوتها لكل ما لم يثبت له مقدر شرعي ، والله العالم.
( وفي الصوت الدية كاملة ) بلا خلاف أجده فيه كما في كتاب ظريف وفيما عرضه يونس على الرضا عليهالسلام وفيهما « أن في الغنن والبحح الدية (٢) » بل الظاهر ثبوت ديتين لو أدى ذلك إلى ذهاب نطقه ، لأنهما منفعتان متباينتان ذاتا ومحلا ، فإن الصوت ينشأ من الهواء الخارج من الجوف لا مدخل فيه للسان ، ولكل منهما نص على حكمه.
لكن في القواعد الإشكال فيه من ذلك ، ومن أن معظم منفعة الصوت النطق وإنما يجب في ذهابه الدية لذهاب النطق ، إلا أنه كما ترى بعد ما عرفت من أن لكل
__________________
(١) التنقيح ص ٨٣٧ من مخطوط عندنا.
(٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب ديات المنافع الحديث الأول.