إلى آخرها قلت : حين حكما في الحرث كانت قضية واحدة ، فقال : كان أوحى الله عز وجل إلى النبيين قبل داود عليهالسلام إلى أن بعث الله داود عليهالسلام أي غنم نفشت في الحرث فلصاحب الحرث رقاب الغنم ولا يكون النفش إلا بالليل ، فإن على صاحب الزرع أن يحفظه بالنهار ، وعلى أهل الغنم حفظ الغنم بالليل ، فحكم داود بما حكمت به الأنبياء من قبله ، وأوحى الله إلى سليمان أي غنم نفشت في زرع فليس لصاحب الزرع إلا ما خرج من بطونها ، وكذا جرت السنة بعد سليمان عليهالسلام وهو قول الله عز وجل ( وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً ) (١) فحكم كل واحد منهما بحكم الله عز وجل ».
وبالنبوي الذي (٢) رواه جماعة ومنهم ابن زهرة « أن ناقة البراء بن عازب دخلت حائطا فأفسدته فقضى صلىاللهعليهوآله أن على أهل الأموال حفظها نهارا وعلى أهل المواشي حفظها ليلا وأن على أهلها الضمان في الليل ».
بل وبالآخر (٣) وهو « أن العجماء (٤) جبار » بناء على أن غالب جنايتها وقوعها في النهار.
ولكن مع ذلك كله قال الشهيد في غاية المراد : « لما كان الغالب حفظ الدابة ليلا وحفظ الزرع نهارا خرج الحكم عليه وليس في حمل المتأخرين رد لقول القدماء ، لأن القدماء اتبعوا عبارة النص والمراد هو التفريط ، ولا ينبغي أن يكون خلاف هنا إلا في مجرد العبارة عن الضابط ، وأما المعنى فلا خلاف فيه » وتبعه على ذلك في كشف اللثام ، بل قال : أكثر عباراتهم تشعر بذلك.
وقد اعترضه غير واحد بأنه خلاف ظاهر عباراتهم التي لا يجب الجمع فيها
__________________
(١) الأنبياء : ٧٩.
(٢) الغنية ، فصل في الجنايات ، أواخر الفصل.
(٣) راجع الوسائل الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب موجبات الضمان.
(٤) في بعض النسخ : القحماء.