أيضا ، بل في المختلف الاستدلال بها عليه وربما استفيد من ذلك بلوغها حد الإجماع بقرينة معلومية عدم حجيتها عنده ، اللهم إلا أن يكون ذلك بالنسبة إلى تفسير العصبة الذي يمكن أن تكون فيه حجة وإن لم تكن هي كذلك بالنسبة إلى الحكم الشرعي ، وعلى كل حال فهي عندهم ( من يتقرب بالأب كالإخوة وأولادهم ) وإن نزلوا ( والعمومة وأولادهم ) كذلك ( ولا يشترط كونه من أهل الإرث في الحال ).
بل في كشف اللثام أنه المعروف من معناها ، وفي محكي السرائر « فهم العصبات من الرجال سواء كان وارثا أو غير وارث الأقرب فالأقرب ويدخل فيها الولد والوالد ـ إلى أن قال ـ : وإجماعنا منعقد على أن العاقلة جماعة الوارث من الرجال دون من يتقرب بالأم » (١) وفي الرياض « وظاهره كما ترى دعوى الإجماع عليه ، وإن زعم مخالفة قوله لقولهم فعد قولا آخر ، ولم أفهم الوجه فيه إلا من حيث إطلاق الرجال في صدر العبارة بحيث يتوهم الشمول فيه لمثل الإخوة من الأم والأخوال ، لكن تصريحه أخيرا باستثناء من يتقرب بالأم يدفع ذلك ويوجب اتحاد قوله مع قولهم ، ولذا لم يجعله كثير مخالفا لهم ، وعبارته صريحة في دعوى الإجماع وهو الحجة » (٢).
قلت : الإنصاف أن عبارته غير نقية ، خصوصا بعد إدراجه الولد والوالد وفيهما ما تسمعه من الكلام ، وقوله أخيرا الوارث مع تصريحه أولا بعدم الفرق بين الوارث وغيره ، إلا أن التدبر فيها يقتضي موافقة الجماعة ، والله العالم.
وفي مختصر النهاية الأثيرية « العصبة الأقارب من جهة الأب » وفي الصحاح « عصبة الرجل بنوه وقرابته لأبيه وإنما سموا عصبة لأنهم عصبوا به أي أحاطوا فالأب طرف والابن طرف والعم جانب والأخ جانب » وعن مجمع البحرين
__________________
(١) السرائر كتاب الحدود ، باب في أقسام القتل.
(٢) الرياض ج ٢ ص ٦٢٩.