ولعله لذا وغيره قال المصنف ( وهو ) أي القول الثاني ( أشبه ) بأصول المذهب وقواعده ، بل في محكي المبسوط : « فمن قال يجب على الغني نصف دينار وعلى المتوسط ربعه فهل يجب عليه ذلك في كل سنة حتى يتكامل في ثلاث سنين دينار ونصف ، أو يكون النصف عليه في ثلاث سنين في كل سنة دانق ، وعلى المتوسط نصف دانق؟ قال قوم : هذا النصف على كل واحد في ثلاث سنين ، ومنهم من قال في كل سنة وسواء قيل يلزمه النصف في كل سنة أو كل ثلاث سنين نظرت فإن كانت الإبل موجودة فعليهم جميع ذلك ولا يقبل منهم سهم من حيوان ، لأنه يشق على الدافع ويضيع على المدفوع إليه ، فإن أعوزت الإبل انتقل مضى القول فيه من البدل على الخلاف فيه » (١).
قلت وكفى بالإجمال المزبور مع عدم دليل كاشف له مبطلا ، ويشبه أن يكون هذه التهجسات للعامة ، ضرورة عدم موافقتها لمذهبنا كما هو واضح.
ولكن لا يخفى عليك أن فساد القول بالتقدير لا يقتضي صحة القول الثاني ، ضرورة أنه لا دليل أيضا على اعتبار توزيع الإمام أو نائبه أو عدول المؤمنين بعد إطلاق الأدلة أن الضمان على العاقلة المقتضي كونه عليهم دينا شرعيا ، والأصل عدم التفاوت بينهم.
بل جميع ما ذكر في رد القول المزبور يأتي مثله في هذا القول حتى المناقشة بالأصل بالمعارضة بالمثل ، باعتبار اقتضائه شغل ذمة أخرى ، والمناقشة أيضا بأن إطلاق الأدلة ضمان العاقلة نصا وفتوى يقتضي وجوبها عليه أجمع ، حتى لو كان من العصبة واحدا تعين عليه الدية بتمامها مع قدرته عليها ، ومع العدم يدفع ما قدر عليه منها ويجب الزائد على من بعده من مراتب العاقلة ودرجاتها ، لأن عجزه يصيره كالعدم إجماعا فيكون الجاني بالنسبة إلى هذه الزيادة كمن لا عاقلة له من القرابة ، وهكذا الكلام بالنسبة إلى المرتبة الثانية ثم الثالثة.
__________________
(١) المبسوط ج ٧ ص ١٧٨.