والمؤدي عنه ولا يبطل دم امرء مسلم »
وإلى أن دية الخطاء تتعلق ابتداء بالعاقلة فالأصل براءة ذمة غيره حتى الجاني ، ولأن الإمام عليهالسلام من العاقلة اتفاقا نصا وفتوى ، مع الاتفاق على أن الجاني لا يدخل فيهم.
لكن في الرياض « يمكن تقييد ذلك بما مر إلا أن يجاب عنه بضعف المرسل عن ذلك سندا ومتنا لاشتماله على تقدم ضمانه على ضمان مطلق العاقلة حتى غير الإمام ، وظاهر الأصحاب والروايتين (١) في الأعمى اللتين هما أحد تلك الأدلة خلافه ، والإجماع المنقول معارض بالمثل ، وروايتا الأعمى بعد الإغماض عن احتياج إطلاقهما إلى تقييد ما تضمنتا كون جنايته خطاءا مطلقا ولم يرتضه المتأخرون كما مضى في محله ، والأصل يخرج عنه بالإطلاقات » ثم قال : « وظاهر العبارة كغيرها وصريح جماعة كون الدية على الإمام في ماله ، خلافا لآخرين ففي بيت مال المسلمين ، ومنشأ الاختلاف اختلاف النصوص ، ففي جملة منها على الإمام وفي أخرى على بيت المال ، والمسألة كسابقتها محل نظر ، وللتوقف فيهما مجال » (٢).
قلت : قد سمعت ما عن ابن إدريس من الإجماع على أنها في ذمته من ماله ، وقال : إنه ضامن جريرته ووارثه ، وعن المختلف الميل إليه ، بل قد سمعت ما يؤيده واحتمال حمل المنافي على ما لا ينافيه ، والأمر سهل بعد كون بيت ماله من حيث الإمامة (٣) بيت مال المسلمين كما حررناه في محله.
إنما الكلام في أصل المسألة ، فنقول : إنه وإن كان المغروس في الذهن أن دية الخطاء على العاقلة ابتداء إلا أن التدبر في النصوص وقاعدة اختصاص الجناية بالجاني دون غيره ، أنها عليه وإن أدت العاقلة عنه ، إذ قد سمعت ما في خبري (٤)
__________________
(١) يعني روايتي أبي العباس البقباق المذكورتان آنفا.
(٢) رياض المسائل ج ٢ ص ٦٣١.
(٣) في الأصل : الامانة.
(٤) المذكوران آنفا.