وذلك لأن كلا منهما قد مات بسبب انفرد به صاحبه ، إذ الجالس قتل العاثر مباشرة ، والعاثر مات بسبب كان من الجالس ، فهو كما لو حفر بئرا في غير ملكه ثم جاء رجل فجرح الحاضر وسقط الجارح في البئر ، فإن الجارح قتل الحافر مباشرة ، والحافر قتل الجارح بالتسبيب ، فتأمل جيدا.
هذا كله مع عدم قصد القتل بالاصطدام ( وإن قصداه أي القتل ) أو أحدهما أو كان بحال يقتل مثله غالبا ( فهو عمد ) يجري عليه حكمه فيهما أو في العامد منهما خلافا لأبي حنيفة فجعله خطاء محض أو عن بعض الشافعية أنه شبيه عمد بناء على أن الاصطدام لا يقتل غالبا ، وهو واضح الضعف.
وفي معنى التصادم ما لو تجاذبا حبلا فانقطع وسقطا وماتا ، لكن عن أبي حنيفة عكس الحكم السابق هنا ، فقال « إن كان وقعا منكبين فعلى عاقلة كل واحد منهما دية الأخر ، وإن وقعا مستلقيين فهما هدر ، لأن انكباب كل واحد منهما يكون بفعل الأخر ، والاستلقاء يكون بفعله لا بفعل الأخر ، نقيض ما سبق » وهو كما ترى ، ضرورة عدم انضباط الأمر.
هذا إذا كان المتجاذبان مالكين للحبل أو غاصبين ، أما لو كان أحدهما مالكا والأخر غاصبا فدم الغاصب هدر كما هو واضح.
ولو قطعه ثالث عند تجاذبهما ضمنهما في ماله أو عاقلته ، مالكين كانا أو غاصبين أو مختلفين ، وإن تعدى الغاصب بالإمساك والجذب ، فإن المباشر هو القاطع.
نعم لو كان هو المالك وهما الغاصبان ، أمكن عدم الضمان.
ولو علت الدابتان وجرى الاصطدام والراكبان مقلوبان احتمل الهدر في الجميع الراكب والمركوب ، لكونه من جناية الدواب غير الصائلة فهو كالتلف بالافة السماوية ، وكونهما كغير المقلوبين لأن الركوب كان بالاختيار وهو لا يقصر عن حفر البئر في الضمان ، خصوصا مع ملاحظة ضمان الراكب ما تتلفه الدابة ، والله العالم.