عن الكناني عن أبي عبد الله عليهالسلام الذي رواه المحمدون الثلاثة ، بل هو في التهذيب والكافي صحيح ، أو حسن كالصحيح « قال كان صبيان في زمن علي بن أبي طالب يلعبون بأخطار لهم ، فرمى أحدهم بخطره فدق رباعية صاحبه ، فرفع ذلك إلى أمير المؤمنين عليهالسلام ، فأقام الرامي البينة بأنه قال : حذار ، فدرأ عنه القصاص وقال : قد أعذر من حذر ».
ولعلهم فهموا نفى الدية على العاقلة من قوله : « قد أعذر من حذر » بناء على إرادته قبول عذر المحذر على وجه لا يترتب على فعله ضمان ، لا عليه ولا على عاقلته ، أو أن المراد من درء القصاص درء الضمان ولو بمعلومية عدم كون المقام محلا له ، مضافا إلى كونه أقوى في التلف من الرامي في الفرض ، ولذا قيد الفاضل وغيره قول « حذار » بسماع المقتول وتمكنه من العدول وإن أطلق المصنف وغيره ، بل والخبر ، ضرورة عدم الإعذار مع عدمهما. ولعل الرامي في الخبر كان بالغا بقرينة إقامة البينة ودرء القصاص ، أو المراد وليه.
وعلى كل حال فالحكم المزبور لا إشكال فيه بعد أن لم يكن خلاف ، للخبر المزبور ، أو لما أشرنا إليه ، بل عن الوسيلة زيادة « وإن لم يحذره وكان في ملكه وقد دخل عليه بغير إذنه لم يضمن » ولا يخلو من وجه ، خصوصا بعد ملاحظة ما ورد من قولهم : « من دخل دار غيره بغير إذنه فدمه هدر » (١) ونحوه ، من عدم ضمان المتردي في البئر المحفورة في ملكه مع الدخول بغير إذنه ، وإن كان قد يقال بصدق القتل خطأ في الفرض وإن أثم بالدخول بغير إذن فتأمل جيدا.
( ولو كان مع المار صبي ) مثلا غير مميز ( فقر به من طريق السهم لا قصدا فأصابه ، فالضمان على من قربه ) كما عن القاضي والتحرير ( لا على الرامي لأنه عرضه للتلف ) تعريضا قويا شبيها بالمباشرة ، بل عن التحرير أنه مباشر لأنه كالدافع في البئر والرامي كالحافر ( و ) لكن ( فيه تردد ) كما في القواعد ،
__________________
(١) راجع الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب موجبات الضمان.