ما يوافقها ، خصوصا بعد أن كانت قضايا في أعيان خاصة لا تنافي التنزيل المزبور ، نعم ما عن الراوندي ـ من التفصيل بين بلوغ الراكبة واختيارها فما عليه المفيد ، وصغرها وكرهها فما عليه الشيخ ـ وكذا ما في التنقيح ـ من التفصيل بين ما إذا كان الركوب عبثا فالأول ، أو لغرض صحيح فالثاني إن كانت القامصة غير ملجئة وإلا فعلى الناخسة ـ واضح الضعف فيما خالف القواعد منه ، ضرورة عدم شاهد له لو أريد به الجمع بين النصوص المزبورة التي قد عرفت فقدها لشرائط الحجية في نفسها ، واحتمالها ما لا ينافي القواعد لكونها من قضايا الأعيان.
ومن هنا قال في الرياض بعد أن حكاهما مضعفا لهما بعد ما سمعت : « ولو صح الجمع بدون الشاهد لكان ما عليه الحلبي وابن زهرة في غاية القوة عملا بروايتهما المفصلة بين كون الركوب عبثا فما في المقنعة ، وكونه بأجرة فما في النهاية ، وروايتها وإن كانت مطلقة بنصف الدية ، إلا أنها محمولة على صورة الثانية حمل المطلق على المقيد ، فتأمل » (١).
وإن كان فيه أن ذلك فرع الحجة أولا ، وعدم ظهور كون التفصيل من المروي وإنما هو منهما ثانيا وإلا لم يحتج إلى شاهد بعد فرض الحجة ، ولعله إلى ذلك وغيره أشار بالأمر بالتأمل.
ثم قال : « هذا مع أن الوجوه المزبورة لا تفيد الحكم في شقوق المسألة بكليته وإنما غايتها إفادته في صورة العلم بحال الناخسة والمنخوسة ، وأما صورة الجهل بهما فليست لحكمها مفيدة ، فالمسألة محل تردد وشبهة ، وإن كان مختار الحلبي (٢) في الصورة الأولى لا يخلو عن قوة لإمكان الذب عن الروايات المشهورة بأنها قضية في واقعة ، فيحتمل اختصاصها بالصورة الثانية ، والمختار فيها خيرة المفيد ومن تبعه للأصول المتقدمة ، مضافا إلى أصل البراءة » (٣) وهو كما
__________________
(١) رياض المسائل ج ٢ ص ٥٩٩.
(٢) في الأصل : « الحلي ».
(٣) رياض المسائل ج ٢ ص ٥٩٩.