السورتين جميعاً » إذ ليست في الأخيرتين سورة.
وبالجملة : فإثبات الاستحباب من الأخبار مشكل جدّاً ، فان بنينا على التسامح في أدلّة السنن وقلنا بشموله لفتوى الفقيه ثبت الاستحباب بقاعدة التسامح لفتوى المشهور بذلك كما عرفت ، وإلاّ كما هو الصحيح فالجزم به مشكل.
والذي يهوّن الخطب : أنّ دليل الإخفات في الأخيرتين أيضاً قاصر الشمول للبسملة ، فانّ دليل وجوب الإخفات فيهما هو إطلاق قوله عليهالسلام في صحيحة زرارة المتقدمة (١) « رجل جهر فيما لا ينبغي الإجهار فيه » المتضمنة للبطلان لو كان متعمداً ، والمتيقن ممّا لا ينبغي الإجهار فيه في الأخيرتين إنّما هو نفس القراءة بالسيرة القطعية وغيرها كما سيجيء إن شاء الله تعالى. وأمّا بسملتها فلم يعلم كونها مما لا ينبغي ، كيف وقد ذهب المشهور إلى استحباب الجهر فيها كما عرفت ، ومعلوم أنّ الصحيحة لا تتكفل لحال الصغرى ولا تعيّن المصداق بل لا بدّ من إحراز ذلك من الخارج ولم يحرز ، فدليل الإخفات قاصر الشمول كدليل استحباب الجهر على ما عرفت ، فهو مخيّر بين الأمرين.
الجهة الثالثة : هل يعمّ الحكم للاخفات لعارض كالمأموم المسبوق بركعة في صلاة جهرية حيث يجب عليه إخفات القراءة لعارض الجماعة ، فهل يستحب له أيضاً الجهر بالبسملة أو لا؟
الظاهر العدم ، بل لا يشرع للأمر باخفات القراءة حينئذ بقوله عليهالسلام « يقرأ في نفسه » (٢) ومقتضى الإطلاق وجوبه حتى في البسملة ، فإنّها جزء من السورة ، وما دلّ على استحباب الجهر بالبسملة مورده الصلاة الإخفاتية بالذات كالظهرين ، فالتعدِّي منها إلى الإخفات العرضي يحتاج إلى دليل مفقود في المقام فإطلاق دليل الخفت هو المحكّم فلم يثبت مشروعية الجهر حينئذ فضلاً عن
__________________
(١) في ص ٣٧٢.
(٢) الوسائل ٨ : ٣٨٨ / أبواب صلاة الجماعة ب ٤٧ ح ٤ ، ( نقل بالمضمون ).