فصل في النيّة
وهي القصد إلى الفعل بعنوان الامتثال والقربة (١) ، ويكفي فيها الداعي القلبي ، ولا يعتبر فيها الاخطار بالبال ولا التلفّظ ، فحال الصلاة وسائر العبادات حال سائر الأعمال والأفعال الاختيارية كالأكل والشرب والقيام والقعود ونحوها من حيث النيّة ، نعم تزيد عليها باعتبار القربة فيها ، بأن يكون الداعي والمحرّك هو الامتثال والقربة ، ولغايات الامتثال درجات :
______________________________________________________
(١) قد عرفت فيما مضى أنّ النيّة إنّما أُخذت في الصلاة على نحو الشرطية دون الجزئية ، وعليه فيكفي فيها الداعي القلبي ، بأن يكون إتيانه لها بداعي القربة وقصد الانبعاث عن الأمر ، من دون فرق بين أوّل الصلاة وآخرها.
وأمّا إخطار صورة الفعل في أُفق النفس ولو إجمالاً ، وإحضارها في الذهن قبل الصلاة ، ثمّ استمرارها حكماً كما عليه جمع ، فلا دليل على ذلك بوجه.
كما لا يلزم التلفظ بها ، بل هو مكروه وموجب لإعادة الإقامة.
وتوهم أنّه مما يرجع إلى الصلاة ، وقد دلّ الدليل على عدم قدح مثل هذا التكلّم ، مدفوع بأنّ الدليل مختص بما يرجع إلى الجماعة من جهة تسوية الصفوف ونحوها ، وإلاّ كان اللازم عدم الكراهة بعد الإقامة بمثل قوله : لا تتكلّم معي فإنّي أُريد أن أُصلي ، من جهة أوله إلى الصلاة وكونه من شؤونها ، وهو كما ترى. فعموم كراهة التكلم بعد الإقامة شامل لمثل التلفظ بالنية.
وكيف ما كان ، فلا ينبغي الإشكال في كفاية الداعي القلبي وإتيان الصلاة بداعي القربة ، وللقربة مراتب ودرجات حسبما أشار إليها في المتن.