فلا تكون التكبيرة من الأركان بالمعنى المصطلح ، وهو ما تكون زيادته ونقيصته عمداً وسهواً موجباً للبطلان. نعم ، هو ركن بالمعنى اللغوي ، وهو ما يوجب نقصه البطلان ولو سهواً. وأمّا الإخلال من حيث الزيادة فلا دخل له في كونه ركناً إلاّ من جهة الاصطلاح ، وحيث إنّ كلمة الركن لم ترد في آية ولا رواية فلا مانع من عدّ التكبيرة ركناً بلحاظ المعنى اللغوي.
ثم إنّه قد مرّت عليك في مطاوي كلماتنا (١) الإشارة إلى اختلاف القوم في أن النيّة هل أُخذت جزءاً في الصلاة أو شرطاً أو لا هذا ولا ذاك ، بل لها دخل في تحقّق المصلحة المقتضية للصلاة؟
فنقول : لا إشكال ولا خلاف في اعتبار النيّة في الصلاة ، وأنّه لا بدّ من إتيان أجزائها بداعي القربة ، فلو أتى بها من غير قصد أو بقصد الرياء تكون الصلاة باطلة.
ويدلّنا على ذلك : قوله تعالى ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي ) (٢) وقوله تعالى ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) (٣) وغيرهما من الآيات والأخبار.
وإنّما النزاع في أنّه هل أُخذت النيّة مضافاً إلى ذلك بحيالها في قبال سائر الأجزاء ، بحيث يعتبر فيها جميع ما يعتبر في غيرها من الوقت والاستقبال والطهارة ونحوها ، ويكون موطنها قبل تكبيرة الإحرام أو لا؟
الحق عدم اعتبار ذلك لعدم الدليل عليه ، فانّ ما ادعي من الإجماع بل الضرورة على اعتبار النيّة في الصلاة وغيرها من سائر العبادات ، المتيقن منه هو أن لا يكون شيء منها بغير داعي القربة ، وأما اعتبارها في حدّ نفسها قبل
__________________
(١) في ص ١.
(٢) طه ٢٠ : ١٤.
(٣) الكوثر ١٠٨ : ٢.