زيد عدل مثلاً يدل على أنّ المتكلم قاصد للحكاية عن ثبوت العدالة لزيد والاخبار عنه ، وأمّا أنّه مطابق للواقع أو غير مطابق فالجملة لا تدل عليه وأ نّه لا صلة لها بما لها من الدلالة الوضعية بهذه الجهة أصلاً.
ولأجل ذلك قلنا إنّ الجملة الخبرية تشترك مع الجملة الانشائية في الدلالة الوضعية ، فكما أنّ الجملة الانشائية موضوعة للدلالة على قصد المتكلم إبراز الأمر الاعتباري النفساني ، فكذلك الجملة الخبرية موضوعة للدلالة على قصد المتكلم الحكاية والاخبار عن الواقع فلا فرق بينهما من هذه الناحية ، ولذا لا تتصف الجملة الخبرية كالجملة الانشائية بالصدق والكذب من هذه الجهة ، والفرق بينهما إنّما هو من ناحية اخرى وهي أنّ لمدلول الجملة الخبرية واقعاً موضوعياً دون مدلول الجملة الانشائية ، ولذا تتصف الاولى بالصدق والكذب بملاحظة مطابقة مدلولها للواقع وعدم مطابقته له دون الثانية ، هذا ملخّص القول في الجملة الخبرية.
وأمّا الجملة الانشائية فقد حققنا في محلّها أنّها موضوعة للدلالة على إبراز الأمر الاعتباري النفساني في الخارج ولم توضع للدلالة على إيجاد المعنى فيه كما اشتهر في ألسنة الأصحاب ، وذلك لما ذكرناه هناك من أنّهم لو أرادوا بالايجاد الايجاد التكويني الخارجي كايجاد الجوهر والعرض فبطلانه من الضروريات ، ولا نحتمل أنّهم أرادوا ذلك ، كيف فانّ الموجودات الخارجية بشتى أنواعها وأشكالها ليست مما توجد بالانشاء ، بداهة أنّ الألفاظ لم تقع في سلسلة عللها وأسبابها. وإن أرادوا به الايجاد الاعتباري كايجاد الوجوب والحرمة والملكية والزوجية وما شاكل ذلك ، فيرد عليه : أنّه يكفي في إيجاد هذه الامور نفس اعتبار المعتبر من دون حاجة إلى التكلم بأيّ كلام والتلفظ بأيّ لفظ ، لوضوح أنّ الأمر الاعتباري بيد من له الاعتبار رفعاً ووضعاً ، فله إيجاده في عالم