تعارض المفهوم مع العموم
هل يقدّم المفهوم على العموم أو بالعكس أو لا هذا ولا ذاك؟ فيه وجوه.
قيل : بتقدم العموم على المفهوم بدعوى أنّ دلالة العام على العموم ذاتية أصلية ودلالة اللفظ على المفهوم تبعية ، ومن الطبيعي أنّ الدلالة الأصلية تتقدم على الدلالة التبعية في مقام المعارضة.
ويرد عليه : أنّ دلالة اللفظ على المفهوم لا تخلو من أن تكون مستندةً إلى الوضع أو إلى مقدمات الحكمة فلا ثالث لهما.
وبكلمة اخرى : قد تقدم في مبحث المفاهيم (١) أنّ دلالة القضية على المفهوم إنّما هي من ناحية دلالتها على خصوصية مستتبعة له ، ومن المعلوم أنّ دلالتها على تلك الخصوصية إمّا من جهة الوضع أو من جهة مقدمات الحكمة ، والمفروض أنّ دلالة العام على العموم أيضاً لا تخلو من أحد هذين الأمرين ، يعني الوضع أو مقدمات الحكمة ، فاذن ما هو معنى أنّ دلالة العام على العموم أصلية ودلالة القضية على المفهوم تبعية. فالنتيجة : أنّه لم يظهر لنا معنىً محصّل لذلك.
وقيل : بتقدم المفهوم على العموم ولا سيما إذا كان من المفهوم الموافق ، ببيان أنّ دلالة القضية على المفهوم عقلية ودلالة العام على العموم لفظية ، فلا يمكن
__________________
(١) في ص ١٩٨ وما بعدها.