كانت الملازمة بينهما ثابتة في الواقع فالقضية الشرطية صادقة وإلاّ فهي كاذبة ، من دون فرق في ذلك بين كون المقدّم والتالي صادقين أم كاذبين ، بل لا يضر بصدقها كونهما مستحيلين في الخارج ، وذلك كقوله سبحانه وتعالى : ( لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللهُ لَفَسَدَتا )(١) فانّ القضية صادقة على الرغم من كون كلا الطرفين مستحيلاً ، فلا يكون إخباره تعالى عن فساد العالم على تقدير وجود الآلهة كاذباً وغير مطابق للواقع ، بل هو صادق ومطابق له ، حيث إنّ إخباره سبحانه عنه لا يكون مطلقاً ، بل يكون على تقدير خاص وهو تقدير وجود الآلهة في هذا العالم. نعم ، لو لم يقع الفساد فيه على تقدير وجود الآلهة لكانت القضية كاذبة لكشف ذلك عن عدم الملازمة بينهما في الواقع.
والسر في ذلك : أي في أنّ صدق القضية الشرطية وكذبها يدوران مدار ثبوت الملازمة بينهما في الواقع ونفس الأمر وعدم ثبوتها فيه ولا يدوران مدار صدق طرفيهما وكذبهما ، هو أنّ المخبر به فيها إنّما هو قصد الحكاية والاخبار عن الملازمة بينهما لا عن وجودي المقدّم والتالي ، لوضوح أنّ المتكلم فيها غير ناظر إلى أنّهما موجودان أو معدومان ممتنعان أو ممكنان ، وعليه فان كانت الملازمة في الواقع ثابتة وكان لها واقع موضوعي فالقضية صادقة وإلاّ فهي كاذبة.
وقد تحصّل من ذلك : أنّ القضية الشرطية على ضوء نظريتنا موضوعة للدلالة على قصد الحكاية والاخبار عن وجود التالي على تقدير وجود المقدّم ، وعليه فبطبيعة الحال تدل بالالتزام على انتفاء الاخبار عنه على تقدير انتفائه أي المقدّم ، وهذا معنى دلالتها على المفهوم بالدلالة الالتزامية الوضعية ، يعني
__________________
(١) الأنبياء ٢١ : ٢٢.