القضية لم يجعل على نحو الاطلاق كما سيأتي بيانه بشكل موسع في ضمن البحوث الآتية (١). وإن كان هو القضية الشرطية فهي تدل عليه بمقتضى التعليق ، أي تعليق الجزاء على الشرط ، غاية الأمر أنّ دلالتها على الثبوت عند الثبوت بالمطابقة وعلى الانتفاء عند الانتفاء بالالتزام.
فالحاصل : أنّ دلالتها على المفهوم نتيجة النكتة المتوفرة فيها ولم تكن متوفرة في غيرها وهي تعليق المولى مفاد الجزاء على الشرط واعتباره متوقفاً عليه ومترتباً بعد ما لم يكن كذلك في نفسه.
ثمّ إنّ هذه الدلالة مستندة إلى الوضع ، أي وضع أدوات الشرط للدلالة على ذلك ككلمة « إن » و « إذا » و « لو » وما شاكل ذلك في أيّة لغة كانت ، ولم تكن مستندةً إلى الاطلاق ومقدمات الحكمة ، لفرض أنّها لازمة بيّنة بالمعنى الأخص لدلالتها المطابقية وهي دلالتها على التعليق والثبوت ، هذا من ناحية. ومن ناحية اخرى : أنّه لا فرق في دلالة القضية الشرطية على المفهوم بين أن يكون تعليق مدلول الجزاء على شرط واحد كقولنا إن جاءك زيد فأكرمه أو ما شاكله ، أو يكون على شرطين بمثل العطف بالواو كقولنا : إن جاءك زيد وأكرمك فأكرمه ، أو العطف بأو كقولنا : إن جاءك زيد أو عمرو فاعط له هذا المال ، فعلى الأوّل يكون الشرط في الحقيقة مجموع الأمرين بحيث يكون كل واحد منهما جزءه لاتمامه ، وعلى الثاني أحدهما ، ومن الطبيعي أنّه لا فرق في دلالة القضية الشرطية على المفهوم بين أن يكون الشرط المذكور فيها واحداً أو متعدداً ، ضرورة أنّ ملاك دلالتها في الجميع واحد وهو تعليق المولى الجزاء على الشرط ثبوتاً وإثباتاً ، غاية الأمر إذا كان الشرط مجموع الأمرين انتفى الجزاء
__________________
(١) راجع مبحث مفهوم الوصف ص ٢٧٤.