وكيف كان فلا شبهة في أنّ إمكانه تعالى مساوق لوجوده وبالعكس ، فنفي إمكانه عين نفي وجوده كما أنّ نفي وجوده عين نفي إمكانه. ومن هنا يظهر حال صفاته ( سبحانه وتعالى ) فانّه إذا أمكن ثبوت صفة له فقد وجب وإلاّ امتنع.
ثمّ إنّ الظاهر بحسب المتفاهم العرفي من كلمة التوحيد هو أنّ الخبر المقدّر فيها موجود لا ممكن كما هو الحال في نظائرها مثل قولنا : لا رئيس في هذا البلد ، وقولنا : لا رجل في الدار وهكذا ، فانّ المتفاهم العرفي منها هو أنّ الخبر المقدّر لكلمة « لا » فيها موجود لا ممكن ، هذا من ناحية. ومن ناحية اخرى :
أنّ المستفاد من كلمة التوحيد أمران ، أحدهما : التصديق بوجود الصانع للعالم كما هو مقتضى كثير من الآيات القرآنية. وثانيهما : التصديق بوحدانيته ذاتاً وصفةً ومعبوداً وإليه أشار بقوله تعالى : ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) وقوله تعالى : ( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ) فهذان الأمران معتبران في كون شخصٍ مسلماً فلو عبد غيره تعالى فقد خرج عن ربقة الاسلام.
إلى هنا قد استطعنا أن نخرج بهذه النتائج :
الاولى : أنّ كلمة « إلاّ » إنّما تدل على الحصر فيما إذا كانت بمعنى الاستثناء ، وأمّا إذا كانت بمعنى الصفة فلا تدل عليه.
الثانية : أنّ كلمة « إنّما » وضعت للدلالة على إفادة الحصر ، للتبادر عند العرف وتصريح أهل الأدب بذلك وإن لم يكن لها نظائر في لغة الفرس ليرجع إليها ، إلاّ أنّه لا حاجة إليها بعد ثبوت وضعها لذلك.
الثالثة : أنّ كلمة « إنّما » قد تستعمل في قصر الموصوف على الصفة فحينئذ لا تدل على الحصر ، بل تدل على المبالغة ، وقد تستعمل في قصر الصفة على الموصوف كما هو الغالب وحينئذ تدل على الحصر. نعم ، قد تستعمل في هذا المقام أيضاً في المبالغة.