المعلوم أنّ هذا الظهور حجة على المكلف في الموارد المشكوك فيها ، فاذا أمر المولى خادمه باكرام جميع جيرانه ، فانّ ظهور كلامه في العموم كاشف عن أنّه لاحظ جميع أفراد موضوع حكمه وأحرز وجود الملاك في الجميع ، ومن الطبيعي أنّ هذا الظهور حجة عليه ولا يجوز له التعدي عن مقتضاه إلاّ إذا علم خلافه ، كما إذا علم بأنّ زيداً مثلاً الذي يسكن في جواره عدوّه وأ نّه لا ملاك لوجوب الاكرام فيه جزماً ، وسكوت المولى عن بيانه لعلّه لأجل مصلحة فيه أو مفسدة في البيان أو غفل عنه أو كان جاهلاً بعدم وجود الملاك فيه ، وكيف ما كان فالمكلف متى ما علم بعدم وجود الملاك فيه فهو معذور في ترك إكرامه ، لأنّ قطعه هذا عذر له ، وهذا بخلاف ما إذا شك في فرد أنّه عدوّه أو لا فلا عذر له في ترك إكرامه ، حيث إنّه لا أثر لهذا الشك في مقابل الظهور ، نظراً إلى أنّه حجة فلا يجوز له رفع اليد عنه من دون قيام دليل وحجة أقوى بخلافه.
وأمّا الخط الثالث : فهو صحيح فيما إذا لم يكن إحراز الموضوع موكولاً إلى نظر المكلف كما هو الحال في مثل قوله عليهالسلام : « لعن الله بني اميّة قاطبة » (١) فانّ هذه القضية بما أنّها قضية خارجية صادرة من الإمام عليهالسلام من دون قرينة تدل على إيكال إحراز الموضوع فيها في الخارج إلى نظر المكلف ، فبطبيعة الحال تدل على أنّ المتكلم لاحظ الموضوع بتمام أفراده وأحرز أنّه لا مؤمن بينهم ، وعليه فلا مانع من التمسك بعمومه لاثبات جواز لعن الفرد المشكوك في إيمانه. أو فقل : إنّا إذا علمنا من الخارج أنّ فيهم مؤمناً فهو خارج عن عمومه فلا يجوز لعنه جزماً ، وأمّا إذا شك في فرد أنّه مؤمن أو ليس بمؤمن فلا مانع من التمسك بعمومه لاثبات جواز لعنه ، ويستكشف منه بدليل الانّ أنّه
__________________
(١) كامل الزيارات : ١٧٦.