ومن الواضح أنّه لا تلاحظ النسبة بين دليلي الحاكم والمحكوم كما لا تلاحظ بقية المرجحات ، لفرض أنّه لا تعارض بينهما في الحقيقة ، كما هو الحال في تقديم مفهوم آية النبأ على عموم العلة فيها ، حيث إنّ الآية الكريمة على تقدير دلالتها على المفهوم ـ وهو حجية خبر العادل ـ تكون حاكمةً على عموم العلة ونحوها ، فانّ المفهوم يرفع موضوع العام فلا يكون العمل بخبر العادل بعد ذلك من إصابة القوم بجهالة ومن العمل بغير العلم ، حيث إنّه علم شرعاً بمقتضى دلالة الآية ، ومعه كيف يكون عموم العلة مانعاً عن ظهورها في المفهوم ، ضرورة أنّ العلة بعمومها لا تنظر إلى أفرادها ومصاديقها في الخارج لا وجوداً ولا عدماً ، يعني أنّها لا تقتضي وجودها فيه ولا تقتضي عدمها ، حيث إنّ شأنها شأن بقية القضايا الحقيقية فلا تدل إلاّعلى ثبوت الحكم لأفراد موضوعها على تقدير ثبوتها في الخارج.
ومن هنا لا يمكن التمسك بعمومها في مورد إلاّبعد إحراز أنّه من أفرادها ومصاديقها كما هو الحال في غيرها من العمومات ، فاذا كان هذا حال عموم العلة أو ما شاكلها فكيف يكون مانعاً عن انعقاد ظهور الآية في المفهوم ، لوضوح أنّ ظهورها فيه يمنع عن كون مورد المفهوم فرداً للعام ، وقد عرفت أنّه لا نظر لها إلى كون هذا المورد فرداً لها أو لا ، فاذن كيف يعقل أن يكون مزاحماً لما يدل على كون هذا المورد ليس فرداً لها. أو فقل : إنّ جواز التمسك بعموم العام في مورد لاثبات حكمه له يتوقف على كون ذلك المورد في نفسه فرداً للعام ، والمفروض أنّ كونه فرداً له يتوقف على عدم دلالة القضية على المفهوم وإلاّ لم يكن فرداً له ، ومعه كيف يعقل أن يكون عموم العام مانعاً عن دلالتها عليه وإلاّ لزم الدور ، نظراً إلى أنّ عموم العام يتوقف على كون المورد في نفسه فرداً للعام وهو يتوقف على عدم دلالة القضية على المفهوم ، فلو كان