إنّما هو بالكثرة وببلوغه حدّ الكر ، فاذن يصبح أخذ عنوان ماء البئر في الصحيحة لغواً محضاً ، وحيث إنّه لا يمكن بمقتضى الارتكاز العرفي لاستلزامه حمل كلام الحكيم على اللغو ، فلا محالة يكون قرينةً على تقديم الصحيحة على دليل الانفعال.
وثانيهما : ما دلّ على طهارة بول الطير وخرئه مطلقاً ولو كان غير مأكول اللحم كقوله عليهالسلام في معتبرة أبي بصير « كل شيء يطيرفلا بأس ببوله وخرئه » (١) معارض بما دلّ على نجاسة بول غير المأكول مطلقاً ولو كان طيراً ، ومورد التعارض والالتقاء بينهما هو البول من الطير غير المأكول ، ففي مثل ذلك لا بدّ من تقديم دليل طهارة بول الطير وخرئه على دليل نجاسة بول ما لا يؤكل لحمه ، حيث إنّ العكس يؤدي إلى إلغاء عنوان الطير المأخوذ في موضوع دليل الطهارة ، نظراً إلى أنّ الحكم بتقيده حينئذ [ يكون ] بما إذا كان الطير محلل الأكل ، ومن الواضح أنّ مرد ذلك إلى إلغاء عنوان الطير رأساً وجعل الموضوع للطهارة عنوان آخر ـ وهو عنوان ما يؤكل لحمه ـ وهو قد يكون طيراً وقد يكون غيره.
وهذا بخلاف ما لو قيّد دليل نجاسة بول غير المأكول بما إذا لم يكن طيراً ، إذ غاية ما يلزم هو رفع اليد عن إطلاق موضوعيته للنجاسة ، ومن الطبيعي أنّه كلّما دار الأمر بين رفع اليد عن إطلاق موضوعية عنوانٍ للحكم ورفع اليد عن أصل موضوعيته له رأساً يتعين الأوّل بنظر العرف ، وما نحن فيه كذلك فانّ تقديم دليل نجاسة بول ما لا يؤكل لحمه على دليل طهارة بول الطير يستلزم إلغاء عنوان الطير المأخوذ في موضوع الطهارة رأساً ، وأمّا العكس فلا يستلزم
__________________
(١) الوسائل ٣ : ٤١٢ / أبواب النجاسات ب ١٠ ح ١.