الملاك فيما بعد محافظة الشارع عليه على وجه نستكشف منه أنه أوجب تلك المقدمة السابقة ، كان ذلك جاريا في كل واجب مشروط بشرط استقبالي كما تقدم في قوله : إلاّ أنه لا يتم في جميع الموارد. الخ (١) ولو أصلحنا ذلك بجعل الاستكشاف مختصا بما كان من الملاك ذا أهمية توجب إيجاب المقدمة قبل زمان ذيها ، لم يكن ذلك موجبا للتخلص عمّا يلزمنا من تشريعات أحكام كثيرة استنادا إلى أن ملاك الحكم يوجب تشريعه. وثبوت أصل الملاك من ناحية الوجوب المشروط وإن كان قطعيا ، إلاّ أن كونه بدرجة من الأهمية على وجه يلتزم الشارع بالمحافظة عليه بايجاب تلك المقدمة لم يكن معلوما لدينا ، فلا محيص لنا من القول في هذا المقام بما استفدناه منه قدسسره من أنه لا يجب على المكلف التصدي لحفظ الملاكات وإنما ذلك بعهدة الشارع ، وحينئذ يكون المتبع هو الدليل الشرعي الدال على وجوب المقدمة إن كان ، وإلا لم يكن على المكلف أن يحافظ على ملاك الشارع.
نعم ، فيما يكون التوقف غالبيا كما مثّل له قدسسره (٢) بالخروج مع الرفقة على وجه لو لم نقل بوجوب الخروج لكان إيجاب الحج مشروطا بوقته لغوا ، يمكننا الحكم بأن الشارع قد أوجب ذلك الخروج إخراجا لايجابه الحج عند وقته عن اللغوية. وقاعدة الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار إنما هي فيما لو توجه التكليف إلى المكلف ، وبعد أن توجه إليه جعله غير مقدور في حقه بسوء اختياره كان مستحقا للعقاب ، أما أنه لو جعل نفسه غير قادر على امتثال التكليف المشروط قبل حصول شرطه ، على وجه ترك
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٢١٩ [ مع اختلاف يسير عمّا في النسختين ].
(٢) أجود التقريرات ١ : ٢٢٤.