وقد استراح من قال بجعل السببية ، فانه يقول إن المجعول والذي ينوجد في مثل قوله تعالى ( أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ )(١) هو السببية والملازمة بين الدلوك والوجوب ، وهذه لا تتأخر زمانا عن الانشاء. ولكن ترد عليه الاشكالات من هاهنا وهاهنا كما حرر في محله (٢) وكما أشار إليه شيخنا قدسسره في هذا المقام إشارة إجمالية ، وحيث التزمنا ببطلان القول بجعل السببية وقلنا إن المجعول هو المسبب عند وجود السبب يكون حال تلك القضايا حال ما عرفت من قول السيّد لعبده أنت حر بعد وفاتي في أن المجعول هو الحرية عند الموت الذي [ هو ](٣) سببها وكل ما جرى في ذلك إشكالا وجوابا يجري في قول الشارع إذا زالت الشمس فقد وجب الطهور والصلاة (٤).
قوله : بخلاف القضية الحقيقية فان الفعلية فيها تدور مدار فعلية الموضوع خارجا ، وتتأخر الفعلية عن الانشاء زمانا ... إلخ (٥).
الظاهر أن مراده هو إمكان التأخر زمانا لا أنه كذلك دائما ، فلا يرد عليه أنه ربما كان الموضوع موجودا سابقا على الانشاء أو مقارنا له ، فلا يكون حينئذ إلاّ التأخر الرتبي.
ولعله قدسسره ناظر في ذلك إلى القضايا الحقيقية في الأحكام الشرعية فان إنشاءها يكون سابقا على وجود موضوعها في الخارج إلاّ ما ربما اتفق في بدء الاسلام ، كما لو اتفق أن بعض المسلمين حينما صدر الانشاء
__________________
(١) الإسراء ١٧ : ٧٨.
(٢) فوائد الاصول ٤ : ٣٩٣ وما بعدها ، وسيأتي كلام المصنّف قدسسره في ذلك في المجلّد التاسع.
(٣) [ لم يكن في الأصل ، وإنما أضفناه لاستقامة العبارة ].
(٤) وسائل الشيعة ١ : ٣٧٢ / أبواب الوضوء ب ٤ ح ١ ( نقل بالمضمون ).
(٥) أجود التقريرات ١ : ١٩٠.