( باب )
( بيان الفرائض في الكتاب )
إن الله جل ذكره جعل المال كله للولد في كتابه ثم أدخل عليهم بعد الأبوين والزوجين فلا يرث مع الولد غير هؤلاء الأربعة وذلك أنه عز وجل قال « يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ » فأجمعت الأمة على أن الله أراد بهذا القول الميراث فصار المال كله بهذا القول للولد ثم فصل الأنثى من الذكر فقال : « لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ » (١) ولو لم يقل عز وجل « لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ » لكان إجماعهم على ما عنى الله به من القول يوجب المال كله للولد الذكر والأنثى فيه سواء فلما أن قال « لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ » كان هذا تفصيل المال وتمييز الذكر من الأنثى في القسمة وتفضيل الذكر على الأنثى فصار المال كله مقسوما بين الولد « لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ » ثم قال « فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ » فلو لا أنه عز وجل أراد بهذا القول ما يتصل بهذا كان قد قسم بعض المال و
______________________________________________________
باب بيان الفرائض في الكتاب
قوله : « وهذا بيان ».
أقول : هذا الوجه ذكره الزمخشري والبيضاوي وغيرهما ، قال البيضاوي : واختلف في البنتين فقال ابن عباس حكمها حكم الواحدة ، لأنه تعالى جعل الثلاثين لما فوقها ، وقال الباقون : حكمها حكم ما فوقهما ، لأنه تعالى لما بين أن حظ الذكر مثل حظ الأنثيين إذا كانت معه أنثى وهو الثلثان اقتضى ذلك أن فرضهما الثلثان ، ثم لما أو هم ذلك أن يزاد النصيب بزيادة العدد وذلك ، بقوله : « فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ » انتهى.
أقول : وفيه نظر ، لأن الظاهر أنه تعالى بين أولا حكم الأولاد مع اجتماع الذكور والإناث معا بأن نصيب كل ذكر مثل نصيب اثنتين ، وما ذكره أخيرا بقوله« فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ » مورده انحصار الأولاد في الإناث اتفاقا ، فاستنباط حكم
__________________
(١) النساء الآية ١١.