فإن قال قائل فإن الله عز وجل وتقدس سماهم كلالة إذا لم يكن ولد فقال : « يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ » فقد جعلهم كلالة إذا لم يكن ولد فلم زعمت أنهم لا يكونون كلالة مع الأم؟
قيل له قد أجمعوا جميعا أنهم لا يكونون كلالة مع الأب وإن لم يكن ولد والأم في هذا بمنزلة الأب لأنهما جميعا يتقربان بأنفسهما ويستويان في الميراث مع الولد ولا يسقطان أبدا من الميراث.
فإن قال قائل فإن كان ما بقي يكون للأخت الواحدة وللأختين وما زاد على ذلك ـ فما معنى التسمية لهن النصف والثلثان فهذا كله صائر لهن وراجع إليهن وهذا يدل على أن ما بقي فهو لغيرهم وهم العصبة قيل له ليست العصبة في كتاب الله ولا في سنة رسول الله صلىاللهعليهوآله وإنما ذكر الله ذلك وسماه لأنه قد يجامعهن الإخوة من الأم ويجامعهن الزوج والزوجة فسمى ذلك ليدل كيف كان القسمة وكيف يدخل النقصان عليهن وكيف ترجع الزيادة إليهن على قدر السهام والأنصباء إذا كن لا يحطن بالميراث أبدا على حال واحدة ليكون العمل في سهامهم كالعمل في سهام الولد على قدر ما يجامع الولد من الزوج والأبوين ولو لم يسم ذلك لم يهتد لهذا الذي بيناه وبالله التوفيق.
ثم ذكر أولي الأرحام فقال عز وجل : « وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ » ليعين أن البعض الأقرب أولى من البعض الأبعد وأنهم أولى من الحلفاء والموالي وهذا بإجماع إن شاء الله لأن قولهم بالعصبة يوجب إجماع ما قلناه.
ثم ذكر إبطال العصبة فقال « لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً » (١) ولم يقل فما بقي هو للرجال دون النساء فما فرض الله جل ذكره للرجال في موضع حرم فيه على النساء بل أوجب للنساء في كل ما قل أو كثر.
______________________________________________________
قوله : « ولم يقل » إذ القائل بالتعصيب لا يورث الأخت مع الأخ ، ولا العمة مع العم فيما يفضل عن أصحاب السهام.
__________________
(١) النساء ـ الآية ـ ٦.