وكان ذلك كلّه بينك وبينه وبين حاجتك يسهّل الله عزّ وجلّ الوصول إلى ما تريدن ، وأعطاك طلبتك ، وقضى لك حاجتك ، وبلغك آمالك ، ولكن من دعا بهذا الدعاء الإجابة من الله تعالى ، ذكراً أو اُنثى ، ولو أنّ الجنّ والإنس أعداء لولدك لكفاك الله مؤنتهم وأخرس عنك ألسنتهم ، وذلّل لك رقابهم إن شاء الله.
قالت اُمّ داود : فكتب لي هذا الدعاء وانصرفت منزلي ، ودخل شهر رجب فتوخيّت الأيّام وصمتها ، ودعوت كما أمرني ، وصلّيت المغرب والعشاء الآخرة ، وأفطرت ثمّ صلّيت من الليل ما سنح لي مرتب في ليلي ، ورأيت في نومي كما صلّيت عليه من الملائكة والأنبياء والشهداء والعباد ، ورأيت النبيّ صلىاللهعليهوآله فإذا هو يقول لي : يا بنيّة ، يا اُمّ داود ، أبشري ، فكلّ ماترين أعوانك وإخوانك وشفعائك ، وكلّ من ترين يستغفرون لك ، ويبشّرونك ينجح حاجتك ، فابشري بمغفرة الله ورضوانه ، فجزيت خيراً عن نفسك ، وأبشري بحفظ الله لولدك ، وردّه عليك إن شاء الله.
قالت اُمّ داود : فانتبهت عن نومي ، فوالله ما مكثت بعد ذلك إلاّ مقدار مسافة الطريق من العراق للراكب المجدّ المسرع حتّى قدم عليّ داود.
فقال : يا اُمّاه ، إنّي لمحتبس بالعراق
في أضيق المحابس ، وعلَيَّ ثقل الحديد ، وأنا في حال اليأس من الخلاص ؛ إذ نمت في ليلة النصف من رجب فرأيت الدنيا قد خفضت لي حتّى رأيتك في حصير في صلاتك وحولك رجال رؤسهم في السماء ، وأرجلهم في الأرض ، عليهم ثياب خضر يسبّحون من حولك ، وقال قائل جميع الوجه حلية النبيّ صلىاللهعليهوآله
، نظيف الثوب ، طيّب الريح ، حسن الكلام ، فقال : يابن العجوز الصالحة ، أبشر فقد أجاب الله عزّ وجلّ دعاء اُمّك ، فانتبهت فإذا أنا برسول الله أبي الدوانيق ، فادخلت عليه من الليل فأمر
بفكّ حديدي ، والإحسان إليَّ ، وأمر لي بعشرة آلاف درهم وأن اُحمل على نجيب ،