( روض )
قوله تعالى : ( فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ ) [ ٣٠ / ٦٥ ] الرَّوْضَةُ : الأرض الخضرة بحسن النبات ، ومنه « رَوْضَاتُ الجنان » وهي أطيب البقاع وأنزهها. ومنه الْحَدِيثُ « مَا بَيْنَ قَبْرِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ » (١).
أي كَرَوْضَةٍ يجيء في ترع ما ينفع هنا. وجمع رَوْضَاتٍ رَوْضٌ ورِيَاضٌ صارت الواو ياء لكسرة ما قبلها. ومِنْهُ « بَادِرُوا إِلَى رِيَاضِ الْجَنَّةِ ».
يعني طول الذكر أو حلق الذكر كما جاءت به الرواية. ورُضْتُ الدابةَ : ذللتها ، والفاعل رَائِضٌ ، وهي مَرُوضَةٌ.
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه السلام « لَأَرُوضَنَ نَفْسِي رِيَاضَةً تَهِشُّ مَعَهَا إِلَى الْقُرْصِ إِذَا قَدَرْتُ عَلَيْهِ مَطْعُوماً وَتَقْنَعُ بِالْمِلْحِ مَأْدُوماً » (٢).
قيل المراد بِالرِّيَاضَةِ هنا منع النفس الحيوانية عن مطاوعة الشهوة والغضب وما يتعلق بهما ، ومنع النفس الناطقة عن متابعة القوى الحيوانية من رذائل الأخلاق والأعمال ، كالحرص على جمع المال واقتناء الجاه وتوابعهما من الحيلة والمكر والخديعة والغلبة والحقد والحسد والفجور والانهماك في الشرور وغيرها ، وجعل طاعة النفس للعقل العملي ملكة لها على وجه يوصلها إلى كمالها الممكن لها إزالة الموانع الدنيوية عن خاطره ، والمعين على ذلك إضعاف القوة الشهوانية والغضبية بإضعاف حواسه بتقليل الأغذية والتنوق فيها ، فإن لذلك أثرا عظيما في حصول الكمال والتشاغل بحضرة ذي الجلال. ويمكن أن يقال : المراد بِالرِّيَاضَةِ منع النفس عن المطلوب من الحركات المضطربة وجعلها بحيث تصير طاعتها لمولاها ملكة لها.
وَقَوْلُهُ عليه السلام « إِنَّمَا هِيَ نَفْسِي أَرُوضُهَا بِالتَّقْوَى لِتَأْتِيَ آمِنَةً يَوْمَ الْخَوْفِ الْأَكْبَرِ » (٣).
قال بعض الشارحين :
__________________
(١) من لا يحضر ج ٢ ص ٤٣٩.
(٢) نهج البلاغة ج ٣ ص ٨٣.
(٣) نهج البلاغة ج ٣ ص ٨٠.