تَعَالَى اللهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوّاً كَبِيراً. قُلْتُ : فَمَا مَعْنَى قَوْلِ مُوسَى عليه السلام لِرَسُولِ اللهِ ( ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ )؟ فَقَالَ : مَعْنَاهُ مَعْنَى قَوْلِ إِبْرَاهِيمَ ( إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي ) وَمَعْنَى قَوْلِ مُوسَى ( وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى ) وَمَعْنَى ( فَفِرُّوا إِلَى اللهِ ) يَعْنِي حُجُّوا إِلَى بَيْتِ اللهِ ، يَا بُنَيَّ الْكَعْبَةُ بَيْتُ اللهِ فَمَنْ حَجَّ بَيْتَ اللهِ فَقَدْ قَصَدَ إِلَى اللهِ وَالْمَسَاجِدُ بُيُوتُ اللهِ فَمَنْ سَعَى إِلَيْهَا فَقَدْ سَعَى إِلَى اللهِ وَقَصَدَ إِلَيْهِ ، وَالْمُصَلِّي مَا دَامَ فِي صَلَاتِهِ فَهُوَ وَاقِفٌ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ ، وَإِنَّ لِلَّهِ تَعَالَى بِقَاعاً فِي سَمَاوَاتِهِ فَمَنْ عُرِجَ إِلَى بُقْعَةٍ مِنْهَا فَقَدْ عُرِجَ بِهِ إِلَيْهِ.
وَفِي الْخَبَرِ « سَيَجِيءُ قَوْمٌ مِنْ بَعْدِي يُرَجِّعُونَ الْقُرْآنَ تَرْجِيعَ الْغِنَاءِ وَالنَّوْحِ وَالرَّهْبَانِيَّةِ لَا يَجُوزُ تَرَاقِيَهُمْ ».
تَرْجِيعُ الصوت ترديده في الحلق كقراءة أصحاب الألحان آ آ آ آ ، وهذا هو المنهي عنه ، وأما التَّرْجِيعُ بمعنى تحسين الصوت في القراءة فمأمور به ، ومنه قَوْلُهُ عليه السلام « رَجِّعْ بِالْقُرْآنِ صَوْتَكَ فَإِنَّ اللهَ يُحِبُّ الصَّوْتَ الْحَسَنَ ».
وما رُوِيَ « أَنَّهُ يَوْمَ الْفَتْحِ كَانَ يُرَجِّعُ فِي قِرَاءَتِهِ ».
ومنه الدُّعَاءُ « اللهُمَّ اجْعَلْهُ لِقُلُوبِنَا عِبْرَةً عِنْدَ تَرْجِيعِهِ ».
والاسْتِرْجِاعُ : ترديد الصوت في البكاء. والتَّرْجِيعُ في الأذان : تكرار الفصول زيادة على الموظف. وقيل هو تكرار التكبير والشهادتين في أول الأذان. والرَّجْعَةُ بالفتح هي المرة في الرجوع بعد الموت بعد ظهور المهدي عليه السلام ، وهي من ضروريات مذهب الإمامية ، وعليها من الشواهد القرآنية وأحاديث اهل البيت عليهم السلام ما هو أشهر من أن يذكر ، حتى أنه
وَرَدَ عَنْهُمْ عليه السلام « مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِرَجْعَتِنَا وَلَمْ يُقِرَّ بِمُتْعَتِنَا فَلَيْسَ مِنَّا ».
وقد أنكر الجمهور حتى قال في النهاية الرَّجْعَةُ مذهب قوم من العرب في الجاهلية وطائفة من فرق المسلمين وأهل البدع والأهواء ، ومن جملتهم طائفة من الرافضة. وفلان يؤمن بالرَّجْعَةِ : أي بالرجوع إلى الدنيا بعد الموت.