ظرف ، أي مدة استطاعتي للإصلاح وما دمت متمكنا منه ، أو بدل من الإصلاح أي المقدار الذي استطعت منه ، ويجوز أن يكون مفعولا للإصلاح ، وكقوله « ضعيف النكاية أعداءه » ، أي ما أريد إلا أن أصلح ما اسْتَطَعْتُ إصلاحه من فاسدكم.
وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِطَاعَةِ « قَالَ الْبَصْرِيُّ لِأَبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام : النَّاسُ مَجْبُورُونَ؟ قَالَ عليه السلام : لَوْ كَانُوا مَجْبُورِينَ لَكَانُوا مَعْذُورِينَ. قَالَ : فَفَوَّضَ إِلَيْهِمْ؟ قَالَ : لَا قَالَ : فَمَا هُمْ؟ فَقَالَ : عَلِمَ مِنْهُمْ فِعْلاً فَجَعَلَ فِيهِمْ آلَةَ الْفِعْلِ ، فَإِذَا فَعَلُوا كَانُوا مَعَ الْفِعْلِ مُسْتَطِيعِينَ » لعل المراد بالاستطاعة هنا الاستطاعة التامة دون المكلف بها ، وإلى هذا نظر بعض شراح الحديث حيث قال : ويمكن الجمع بين الأخبار بأن الِاسْتِطَاعَةَ قسمان ظاهرية وباطنية ، وأن الظاهرية مناط التكليف وأنها متقدمة على التكليف ، ألا ترى أن الحج يجب على من يموت في طريق مكة وأن الِاسْتِطَاعَةَ الجامعة للظاهرية والباطنية إنما تحصل في وقت الفعل والترك.
وَفِي الْحَدِيثِ « لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ ».
يريد أن الطَّاعَةَ لا تسلم لصاحبها ولا تخلص إذا كانت مشوبة بمعصية وإنما تصح مع اجتنابها. ومثله « لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ ».
كما لو أمر بقتل وقطع ونحوه غير مشروع.
وَفِي الْحَدِيثِ « مَنْ أَطَاعَ رَجُلاً فِي مَعْصِيَةٍ فَقَدْ عَبَدَهُ ».
قال بعض العارفين : لعلك تظن أن ما تضمنه من أن الطَّاعَةَ عبادة لأهل المعاصي على ضرب من التجوز لا الحقيقة ، وليس كذلك بل هو حقيقة فإن العبادة ليست إلا الخضوع والتذلل والطاعة والانقياد ، ولهذا جعل
سبحانه اتباع الهوى والانقياد إليه عبادة للهوى قال : ( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ ) وجعل طَاعَةَ الشيطان عبادة له فقال : ( أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ ).
قَوْلُهُ عليه السلام « هَوًى مُتَّبَعٌ وَشُحٌ مُطَاعٌ ». أي يطيعه صاحبه في منع حقوق