أُصُولٌ نَحْنُ فُرُوعُهَا (١) ».
أراد بالأصول الآباء وبِالْفُرُوعِ الأبناء. وفَرْعُ كل شيء : أعلاه ، وهو ما يتفرع عن أصله. ومنه قوله « فَرَّعْتُ على هذا الأصل مسائل » أي استخرجت.
وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ زُرَارَةَ وَأَبِي بَصِيرٍ عَنِ الْبَاقِرِ وَالصَّادِقِ عليه السلام قَالا : « عَلَيْنَا أَنْ نُلْقِيَ إِلَيْكُمُ الْأُصُولَ وَعَلَيْكُمْ أَنْ تُفَرِّعُوا ».
ومعناه بحسب التبادر ـ والله أعلم ـ علينا أن نلقي إليكم نفس أحكامه تعالى بأصول من الكلام يفرع عليها غيرها من متعلقاتها عليكم ، أي ويلزمكم أن تفرعوا عليها لوازمها وما يتعلق بها ، كأن يقول مثلا « حرمت الخمر لإسكاره » فَيُفَرَّعُ على هذا الأصل تحريم سائر المسكرات ، لوجود علة الأصل التي هي سبب التحريم في الفرع ، أو يأمر بواجب مطلقا مثلا يَتَفَرَّعُ عليه وجوب مقدماته التي يتوقف حصوله عليها إذ هو معنى التَّفْرِيعُ الذي هو استنباط أحكام جزئية من قواعدها وأصولها. وقال بعض الأفاضل : معناه علينا أن نلقي إليكم نفس أحكامه تعالى بقواعد كلية وعليكم استخراج تلك الصور الجزئية من تلك القواعد الكلية ، مثل
قَوْلِهِمْ عليه السلام « كُلُّ شَيْءٍ فِيهِ حَلَالٌ وَحَرَامٌ فَهُوَ لَكَ حَلَالٌ حَتَّى تَعْرِفَ الْحَرَامَ بِعَيْنِهِ فَتَدَعَهُ ».
وَقَوْلِهِمْ « إِذَا اخْتَلَطَ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ غَلَبَ الْحَرَامُ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ ».
فإن تلك الصور الجزئية المشار إليها هي نفس ما أمر بها في تلك القواعد الكلية ، فإن الأحكام الشرعية لا تجري على القواعد الكلية إلا باعتبار تلك الجزئيات ، فالأمر بالكليات في الحقيقة ليس إلا أمرا بتلك الجزئيات ، فلا معنى للتفريع حينئذ.
وَفِي حَدِيثٍ فِي وَصْفِهِ صلى الله عليه وآله « كَانَ أَفْرَعَ ».
هو ضد الأصلع. وافْتَرَعْتُ البكر : افتضضتها.
وَمِنْهُ « فَلَمَّا افْتَرَعَهَا غَلَبَ الدَّمُ ».
ومِنْهُ « إِذَا فُرِعَتِ الْمَرْأَةُ ذَهَبَ جُزْءٌ مِنْ حَيَائِهَا ».
__________________
(١) نهج البلاغة ج ٢ ص ٣٨.