وقال الشيخ الجليل سعيد بن هبة الله الراوندي في أول كتاب فقه القرآن ما هذا لفظه ان القياس بالدليل الواضح غير صحيح في الشريعة وهو حمل الشيء على غيره لأجل ما بينهما من الشبه فيسمى المقيس فرعا والمقيس عليه أصلا وكذلك الاجتهاد غير جائز في الشرع وهو استفراغ الجهد في استخراج أحكام الشرع وقيل هو بذل الوسع في تعرف الأحكام الشرعية فاما إذا صح بإجماع الفرقة المحقة حكم من الأحكام الشرعية بنص من الرسول صلىاللهعليهوآله مقطوع على صحته على سبيل التفصيل رواه المعصومون من أهل بيته (ع) ثم طلب الفقيه بعد ذلك دلالة عليه من الكتاب جملة أو تفصيلا ليضيفها إلى السنة حسما للشنعة فلا يكون ذلك قياسا ولا اجتهادا لان القائس والمجتهد لو كان معهما نص على وجه من الوجوه لم يكن ذلك منهما قياسا ولا اجتهادا « انتهى » (١).
وقال في آخر الكتاب اعلم ان الله سبحانه أغنانا بفضله في الشرعيات عن ان نستخرج أحكامها بالمقاييس والاجتهادات التي تصيب مرة وتخطئ أخرى بل بين جميع ما يحتاج اليه المكلفون في تكليفهم عقلا وشرعا ووفقهم عليه في كتابه وعلى لسان نبيه وحججه (ع) فلا حاجة مع ذلك الى تعسف وتكلف « انتهى » (٢).
وقال الصدوق في العلل : بعد ذكر حديث موسى والخضران موسى مع كمال عقله وفضله ومحله من الله لم يدرك باستنباطه واستدلاله معنى أفعال الخضر حتى اشتبه عليه وجه الأمر فيه الى ان قال فاذا لم يجز لانبياء الله ورسله القياس والاستنباط والاستخراج كان من دونهم من الأمم أولى بان لا يجوز لهم ذلك الى ان قال فاذا لم يصلح موسى للاختيار مع فضله ومحله فكيف تصلح الأمة اختيار الامام وكيف يصلحون الاستنباط الأحكام الشرعية واستخراجها بعقولهم الناقصة وآرائهم المتفاوتة
__________________
(١) فقه القرآن ج ١ ص ٦
(٢) فقه القرآن ج ٢ ص ٤٢٨