من رقدة الغفلة ومنبه العباد عن مضيق الجاهلين يا منجى الهلكى يا غياث من استغاث ان ذاتا هبطت فاغتربت وتذكرت فهل الى وصول من سبيل.
فأجاب عيسى (ع) يا من شرفه الله بالاستعدادات العقلية والرموزات النقلية كن طالبا لتنوير النفس بالأنوار الإلهية القدسية الحادثة من اللذات الدنية الفانية الى اللذات السنية الباقية التي هي محل الأرواح الطاهرة والنفوس الزكية فان مجرد العقل غير كاف في الهداية إلى الصراط المستقيم.
الثلاثون : انه لا يعصم من الخطاء الا التمسك بكلام أهل العصمة في جميع النظريات فيجب ذلك لاستحالة أن يأمر الله عباده باتباع الخطاء والاختلاف المستلزم له من علماء المنطق في ذلك الفن وفي غيره كما هو واضح مشاهد ودعوى غفلتهم عن مراعاته غير معقول والحق انه انما يعصم المنطق عن الخطأ من جهة الصورة وذلك لا يقع من العلماء وأما من جهة المادة فلا يعصم الا التمسك بأهل العصمة لأن غاية ما يدل عليه المنطق في بحث مواد الأقيسة تقسيمها بوجه كلي إلى أقسام وليس فيه قاعدة بها يعرف ان كل مادة مخصوصة داخلة في أي قسم من تلك الأقسام بل من المعلوم عدم إمكان وضع قاعدة تكفل بذلك فيجب التمسك بما يعصم عن الخطاء وهو العمل بصريح كلام المعصوم والاحتياط فيما لم يوجد فيه ذلك والتمسك بالاحتياط المذكورة مأمور به في صريح كلام أهل العصمة كما سيأتي.
الحادي والثلاثون : الحديث المتواتر بين الفريقين انى تارك فيكم الثقلين ان تمسكتم بهما لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي (١) ومعناه كما يستفاد من الأحاديث الكثيرة الاتية انه يجب التمسك بكلام الأئمة عليهمالسلام خاصة إذ حينئذ يتحقق التمسك بمجموع الأمرين والسر فيه انه لا سبيل الى فهم مراد الله الا من جهتهم لأنهم هم العارفون بناسخه ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه ومطلقة ومقيده وعامه وخاصه والمؤل منه والباقي على ظاهره دون غيرهم خصهم الله والرسول بذلك وقد
__________________
(١) تفسير البرهان ج ١ ص ١٢