وسادسها : ان الإقبال والأدبار انما يتصور أن بالنسبة إلى مكان والله سبحانه منزه عن المكان.
وأيضا قد ورد ان أول ما خلق الله العقل فعلم انه لم يكن ح مكان.
والجواب : ان ذلك ممنوع بل الإقبال والأدبار قد يكونان لا بالنسبة إلى مكان كما يقال اقبل على العلم واعرض عن الجهل ولا يلزم نسبتها الى الله عزوجل ولا الى مكان سلمنا لكن لا تعلق لهما يكون الباري سبحانه وتعالى في مكان بل يمكن ان يعين للعقل مكانا للإقبال والأدبار كما يختاره ويريده وقولهم عليهمالسلام أول ما خلق الله العقل على تقدير ثبوته يحتمل ان يكون الأولية فيه مخصوصة ببعض الأقسام لما ورد في حديث آخر من أحاديث العقل وهو أول ما خلق من الروحانيين فلا يلزم تقدم خلقه على خلق المكان مطلقا أو تقدم خلق الروحانيين كذلك يرجع الأمر إلى الجواب الأول.
وسابعها : ان التكليف متوقف على كمال العقل وقد تضمن هذا الحديث الشريف انه لا يكمل الا فيمن أحبه الله فيلزم ان يكون كل من أبغضه الله غير مكلف وهو خلاف المعلوم ضرورة بالنص ويلزم أن يكون كل مكلف ممن يحبه الله وان كان مرتكبا لجميع المعاصي والكفر وهو باطل ضرورة.
والجواب : ان العقل على مراتب وينقسم إلى أقسام وكمال العقل أيضا له مراتب ودرجات فالاكمال المذكور في الحديث أعلى درجة مما يتوقف عليه التكليف ألا ترى ان النبي والأئمة عليهمالسلام كانوا يحكمون على أهل زمانهم بأحكام الشريعة مع ان المعلوم من حالهم وحال أهل كل زمان انهم في غاية التفاوت في العقول ولا يخصون الأحكام التكليفية بأهل الدرجة العالية في العقل ووجه إكمال العقل اما ان يكون تفضلا من الله على بعض العباد بواسطة عملهم الصالح أو تفضلا محضا أو بتوفيقهم للعمل بمقتضى ما وهبهم من العقل.
ويشير الى ذلك ما في الحديث القدسي وانه ليتقرب الى بالنوافل حتى أحبه