فإذا أحبته كنت سمعه الذي يسمع به الحديث (١). فيرجع الى الاختبار من العبد الطاعة فالعقل يكون ناقصا على الأول بالنسبة الى عدم العمل بمقتضاه وعلى الثاني بالنسبة الى ما أضيف إليه من العقل الكامل وفي هذا الحديث إشارة إلى تعلق التكليف بالعقل وصاحبه قبل إكماله ويأتي تأويل هذا الحديث إن شاء الله.
وثامنها : ان العقل لم يثبت انه من جملة أهل التكليف فما وجه قوله إياك آمر وإياك أنهى إلخ ثم ان اختصاصه المستفاد من تقديم المعمول غير واضح فكثرة الأوامر والنواهي المتوجهة إلى غيره والثواب والعقاب الذين يستحقهما غيره وان كان قصرا إضافيا بالنسبة الى من ليس بمكلف فما مزيته على المكلفين.
والجواب : لا شبهة ان العقل كان مكلفا في ذلك الوقت بالإقبال والأدبار وقد ثبت ذلك بهذه الأحاديث وهو كاف ويحتمل كونه مكلفا بغير ذلك أيضا من تحصيل المعارف والاعتقادات ولا بعد في استمرار تكليفه بمثل ذلك واما الاختصاص فقد يكون قصرا حقيقيا في ذلك الوقت أو يكون الحصر مخصوصا بالأمر والنهى المذكورين.
ويحتمل ان يكون وجهه ان العقل علم انه مناط التكليف ، وانه حجة الله الباطنة على العباد فظن انه بذلك خارج من تعلق التكليف به فنبهه تعالى على فساد الظن بالنص على توجه الأمر والنهى المذكورين إليه خاصة.
ويحتمل ان يكون من باب ( وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ ) اى أهل القرية يعني انما يتوجه التكليف والأمر والنهى والثواب الى أهل العقل فكأن العقل هو المخصوص بذلك وربما يقرب هذا الإتيان بصيغة المضارع دون الماضي وان كانت هذه العبارة قد تستعمل فيما تقدم من الأمر ونحوه كما إذا أمرت شخصا ثم قلت له إياك أعني فإن ما قارب الحال من الماضي يمكن إدخاله في حكم الحال إذ هو في الحقيقة اجزاء
__________________
(١) كافي ج ٢ ص ٣٥٢