كون السائل مثل عليّ بن جعفر الذي جلالة قدره ووفور علمه لا يخفى على أحد. ألا ترى أنّ الفقهاء كثيرا ما يصرفون السؤال عن ظاهره بواسطة كون الراوي عليّ بن جعفر كما لا يخفى على المتتبع في كلام الفقهاء.
وإذا كان ظاهر السؤال ذلك ولا [ بدّ ] من مطابقة الجواب للسؤال فيجب أن يكون المراد من قوله : « تركوا الاولى » أي : تركوا الصلاة على الاولى ، ويستأنف لهما معا صلاة اخرى حتّى يتمّ الصلاة على الاولى بعد الفراغ عن صلاة الثانية ، ومن قوله : « رفعوا الاولى » أي : أتموا صلاته ويفرغوا عنها ، فأريد من الرفع : الفراغ عن الصلاة.
وبما ذكرنا يظهر وجه احتجاج المحتجّين.
وأمّا قول المصنّف في الذكرى « هذا مع تحريم قطع الصلاة الواجبة ».
ففيه : أنّ في كون صلاة الميّت صلاة حقيقة ؛ نظر ، والمشهور أنّها دعاء فلا يحرم قطعها.
قوله : في الرواية لأنّها.
تعليل لعدم المعدل عن هذا الجواب ، مع عدم تصريح الرواية بالنية الحادثة في الأثناء للتشريك ، حيث إنّه يتوهّم أنّه إذا لم يصرّح في الرواية الدالة على التشريك بهذه النية الحادثة يجب أن لا تكون جائزة ، ويكون معدل عن هذا الجواب ؛ فإنّ هذا أمر زائد في أثناء الصلاة يدخل فيها ، وكلّ فعل يدخل في الصلاة من الأفعال الشرعيّة لا بدّ له من دليل وتصريح ، وإذا لم يصرّح بهذه النيّة في هذه الرواية الدالّة على التشريك ، فلا تكون جائزة.
فدفع هذا التوهّم بهذا التعليل. أي : لا معدل مع عدم تصريح الرواية لانّ النيّة ليست فعلا خارجيا يضرّ إدخاله في الصلاة بدون الدليل ، بل هو أمر قلبي يكفي في حصوله محض القصد ، فلا يضرّ إدخاله في الصلاة مع مشروعيّة المقصود كما هو شأن سائر الامور القلبيّة. وعلى هذا يكون التعليل للمركّب من عدم المعدل وعدم التصريح في الرواية.
ويمكن أن يكون تعليلا لخصوص عدم التصريح بها في الرواية أي : سبب عدم التصريح بها أنّها تعلم من الأمر بالفعل ، لانّ النيّة مجرّد القصد ، والفعل لا يصدر من الفاعل المختار بدون القصد ، فالأمر بالفعل وتجويزه ، يستلزم الأمر بالقصد وتجويزه أيضا.
ومن هذا يظهر توجيه آخر لكونه علّة للمركب أي : لا معدل عنه مع عدم التصريح ؛ لدلالة الرواية عليها التزاما.