واجيب : بأنّ التهمة ظاهرة مع التبرّع غالبا وإن أمكن فرض عدمها فيما فرضه من صورة الجهل وغيرها ؛ ولذا أطبق الأصحاب على عدّه تهمة ، ولعلّ مرادهم : الغالب ، دون ما فرض من الصورة النادرة ، كيف لا؟ ولو كان مرادهم عدّه تهمة مطلقا لزم مخالفة ما ذكروه للوجدان جدّا.
وهذا أظهر قرينة على إرادتهم من محل المنع ما أوجب التبرع التهمة كما هو الغالب ، دون غيره ، وإنّما أطلقوا اتكالا منهم على فهمه من تعليلهم المنع بالتهمة.
قوله : في غيرها.
أي : غير الشهادة التي تبرع بإقامتها ، أو غير الواقعة المدلول عليها بقرينة المقام ، أو غير الدعوى التي شهد فيها.
قوله : ولو اشترك الحق كالعتق.
لا يخفى أنّ الوجه في كون العتق مشتركا : أنّه يشترط فيه القربة ، ويملك المعتق ـ بالفتح ـ رقبته. فمن الجهة الاولى يكون حقّا لله سبحانه ، ومن الجهة الثانية حقّا للعبد ، فيكون مشتركا.
وأمّا السرقة فالظاهر أنّ المراد بها حدّها ، دون نفسها ؛ لأنّ نفسها مما اشتمل على الأمرين أي : الحق المشترك ، والحق المختصّ بالناس. ووجه اشتراك حدّها : أنّه مأمور به من جانب الله سبحانه فيكون حقّه ، وشرّعه لاضراره بالغير ، فيكون للغير أيضا حظّ فيه.
وأمّا العفو عن القصاص ، فوجه كونها حقّا لله شرعيّته فيه ، لقوله : ( فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ ) (١). ووجه كونه حقّا للناس ظاهر.
وأمّا الطلاق والخلع ، فلم يظهر لي وجه لكونه حقّا مشتركا ، بل الظاهر اختصاصه بحقّ الناس ، مع أنّه سيأتي في بحث الشهادة على الشهادة ما يصرّح بأنّ الطلاق من حقوق الناس المختصّة ، بل العتق أيضا.
قوله : أو سماعا.
الظاهر أنّه مفعول مطلق لفعل محذوف ، وهو قوله : « أن يسمع ». أي : أو أن يسمع سماعا.
__________________
(١) البقرة : ١٧٨.