لأنا نقول : الاشتراط لا يكون إلّا في العقد ، فمعنى الاشتراط الجائز الاشتراط الجائز في العقد.
ثمّ قوله : « في العقد » يكون متعلّقا بقوله : « يصح » ، لا بقوله : « سائغ » ؛ إذ لو تعلّق بسائغ يكون المعنى : ويجوز أن يشترط في العقد شرط جائز في العقد ، هذا كلام لغو.
قوله : او يمنع منه الكتاب والسنّة.
لفظة « الواو » بمعنى : « أو ». والضمير المجرور راجع إلى الاشتراط أي : يمنع من اشتراطه الكتاب والسنّة ، سواء كان نفس المشروط أيضا ممنوعا كشرب الخمر والسرقة ، أو كان نفسه جائزا ، ولكن لم يجز اشتراطه كالشروط المنافية لمقتضى العقد كعدم التصرّف في المبيع ، أو عدم وطء الأمة المبتاعة.
قوله : وجعل ذلك.
قيل : المشار إليه عدم الجهالة ، وعدم منع الكتاب والسنّة.
ولا يخفى أنّ الشرط المجهول أمر سائغ ، ولكنّه لا يصحّ في العقد ، فلا يكون قيد « السائغ » مغنيا عن قيد « عدم الجهالة » ، فلا يصحّ جعل ذلك إشارة إليه ، بل هو إشارة إلى الأخير خاصة.
نعم لو قرئ « سائغ » ـ بالضم ـ حتّى يكون صفة للاشتراط لكان مغنيا عن عدم الجهالة أيضا ؛ لأنّ اشتراط المجهول غير سائغ ، ولكن قد عرفت أنه مجرور بحذف المضاف.
نعم ، يكون قيد منع الكتاب والسنة على جعل الضمير المجرور راجعا إلى الاشتراط مغنيا عن قيد عدم الجهالة ، ولا محذور فيه ؛ لجواز إغناء اللاحق عن السابق. ثمّ كون قيد « السائغ » مغنيا عن قيد « منع الكتاب والسنّة » إنّما هو على إرجاع الضمير إلى المشروط ، وأما على ما ذكرنا من إرجاعه إلى الاشتراط لا يكون مغنيا عنه ؛ لجواز أن يكون أمر سائغا ، ومنع من اشتراطه الكتاب والسنّة كما مر ، فبناء الشارح على الاحتمال الأوّل ، ولكن الظاهر أنّ بناء المصنّف على الثاني.